والتكفي في الأصل مهموز، فترك همزه، ولذلك جعل المصدر تكفيا.
وفي حديث القيامة " وتكون الأرض خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر " وفي رواية يتكفؤها يريد الخبزة التي يصنعها المسافر، ويضعها في الملة، فإنها لا تبسط كالرقاقة وإنها (1) تقلب على الأيدي حتى تستوي.
وفي حديث الصراط " آخر من يمر رجل يتكفأ به الصراط " أي يتميل (2) وينقلب.
وفي حديث دعاء (3) الطعام غير مكفإ (4) ولا مودع، وفي رواية غير مكفي، أي غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع للطعام، وقيل من الكفاية، فيكون من المعتل، والضمير لله سبحانه وتعالى، ويجوز رجوع الضمير للحمد (5).
وفي حديث آخر: كان لا يقبل الثناء إلا من مكافئ أي من رجل يعرف حقيقة إسلامه ولا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، قاله ابن الأنباري، وقيل: أي من مقارب (6) غير مجاوز (7) حد مثله، ولا مقصر عما رفعه (8) الله تعالى إليه، قاله الأزهري، وهناك قول ثالث للقتيبي لم يرتضه ابن الأنباري، فلم أذكره، انظره في لسان العرب.
[كلأ]: كلأه كمنعه يكلؤه كلأ بفتح فسكون وكلاءة بالقصر (9) وكلاء بكسرهما مع المد في الأخير، أي حرسه وحفظه، قال جميل:
فكوني بخير في كلاء وغبطة * وإن كنت قد أزمعت صرمي وبغضتي قال أبو الحسن: كلاء هنا يجوز أن يكون مصدرا ككلاءة، ويجوز أن يكون جمع كلاءة، ويجوز أن يكون أراد: في كلاءة، فحذف الهاء للضرورة، ويقال: اذهبوا في كلاءة الله، وقال الليث: يقال: كلأك الله كلاءة، أي حفظك وحرسك، والمفعول منه مكلوء، وأنشد:
إن سليمى والله يكلؤها * ضنت بزاد ما كان يرزؤها وفي الحديث أنه قال لبلال وهم مسافرون " اكلأ لنا وقتنا ". هو من الحفظ والحراسة، وقد تخفف همزة الكلاءة وتقلب ياء، انتهى.
وقال الله عز وجل " قل من يكلؤكم بالليل والنهار " (10) قال الفراء: هي مهموزة، ولو تركت همز مثله في غير القرآن قلت: يكلوكم، بواو ساكنة، ويكلاكم، ويكلاكم، بألف ساكنة، [مثل يحشاكم] (11)، ومن جعلها واوا ساكنة قال كلات، بألف بترك النبرة منها، ومن قال يكلاكم قال كليت مثل قضيت، وهي من لغة قريش، وكل حسن، إلا أنهم يقولون في الوجهين: [مكلوة و] (12) مكلو وهو أكثر ما يقولون: مكلي، ولو قيل مكلي في الذين يقولون كليت كان صوابا. قال: وسمعت بعض الأعراب ينشد:
وما خاصم الأقوام من ذي خصومة * كورهاء مشني إليها خليلها فبنى على شنيت، بترك الهمزة (13).
ويقال: كلأه بالسوط كلأ، وعن الأصمعي: كلأ الرجل كلأ وسلأه سلأ بالسوط: ضربه قاله النضر بن شميل وكلأ الدين كلوءا (14) إذا تأخر فهو كالئ وكلأت الأرض وكلئت: كثر كلؤها أي عشبها كأكلأت إكلاء، وفي نسخة: كاكتلأت.