لما يجب في الزكاة والأضحية من الأسنان، قال: ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان، من كافأ الرجل بين البعيرين إذا نحر هذا ثم هذا معا من غير تفريق، كأنه يريد (1) يذبحهما في وقت واحد، وقيل: تذبح إحداهما مقابلة الأخرى، وكل شيء ساوى شيئا حتى يكون مثله فهو مكافئ له، والمكافأة بين الناس من هذا، ويقال: كافأت الرجل أي فعلت به مثل ما فعل بي ومنه الكفء من الرجال للمرأة، تقول: إنه مثلها في حسبها.
وقرأت في قراضة الذهب لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني (2) قول الكميت يصف الثور والكلاب:
وعاث في عانة منها بعثعثة * نحر المكافئ والمكثور يهتبل قال: المكافئ: الذي يذبح شاتين إحداهما مقابلة الأخرى للعقيقة.
وانكفأ: مال، ككفأ، وأكفأ وفي حديث الضحية: ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما. أي مال ورجع، وفي حديث آخر: فوضع السيف في بطنه ثم انكفأ (3) عليه.
وانكفأ لونه كأكفأ وكفأ وتكفأ وانكفت، أي تغير وفي حديث عمر أنه انكفأ لونه عام الرمادة، أي تغير عن حاله حين قال لا آكل سمنا ولا سمينا. وفي حديث الأنصاري: مالي أرى لونك منكفئا؟ قال: من الجوع. وهو مجاز.
والكفيء كأمير والكفء، بالكسر: بطن الوادي نقله الصاغاني وابن سيده.
والتكافؤ: الاستواء وتكافأ الشيئان: تماثلا، ككافأ، وفي الحديث المسلمون تتكافأ دماؤهم قال أبو عبيد: يريد تتساوى في الديات والقصاص، فليس لشريف على وضيع فضل في ذلك.
* ومما بقي على المصنف:
قول الجوهري: تكفأت المرأة في مشيتها: ترهيأت ومادت (4) كما تتكفأ النخلة العيدانة، نقله شيخنا. قلت: وقال بشر بن أبي خازم (5):
وكأن ظعنهم غداة تحملوا * سفن تكفأ في خليج مغرب هكذا استشهد به الجوهري، واستشهد به ابن منظور عند قوله: وكفأ الشيء والإناء يكفؤه كفأ وكفأه فتكفأ، وهو مكفوء [واكتفأه مثل كفأه]: قلبه.
* ومما يستدرك عليه:
الكفاء، كسحاب: أيسر الميل في السنام ونحوه، جمل أكفأ: وناقة كفاء (6) عن ابن شميل سنام أكفأ هو الذي مال على أحد جنبي البعير، وناقة كفآء (6)، وجمل أكفأ، وهذا (7) من أهون عيوب البعير، لأنه إذا سمن استقام سنامه.
ومن ذلك في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى (8) تكفأ تكفؤا. التكفؤ: التمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها. قال ابن الأثير: روي مهموزا وغير مهموز، قال: والأصل الهمز، لأن مصدر تفعل من الصحيح كتقدم تقدما وتكفأ تكفؤا، والهمزة حرف صحيح، فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تخفى تخفيا وتسمى تسميا، فإذا خففت الهمزة التحقت بالمعتل، وصار تكفيا، بالكسر، وهذا كما جاء أيضا أنه كان إذا مشى كأنه ينحط في صبب، وفي رواية إذا مشى تقلع. وبعضه يوافق (9) بعضا ويفسره، وقال ثعلب في تفسير قوله كأنما ينحط في صبب: أراد أنه قوي البدن، فإذا مشى فكأنما يمشي على صدور قدميه من القوة، وأنشد:
الواطئين على صدور نعالهم * يمشون في الدفني والأبراد