العرب، وعرف منه: أن الجمع راجع للأخير، فإن مفعولا لا يكسر، كما قاله ابن هشام نقله شيخنا.
والحرب بالتحريك: أن يسلب الرجل ماله.
وحريبته: ماله الذي سلبه، مبنيا للمفعول، لا يسمى بذلك إلا بعدما يسلبه، أو حريبة الرجل: ماله الذي يعيش به، وقيل: الحريبة: المال من الحرب، وهو السلب، وقال الأزهري يقال: حرب فلان حربا أي كتعب تعبا، فالحرب: أن يؤخذ ماله كله، فهو رجل حرب، أي نزل به الحرب، فهو محروب حريب، والحريب: الذي سلب حريبته، وفي الأساس (1): أخذت حريبته وحرابته: ماله الذي سلبه، والذي يعيش به، انتهى، وفي حديث بدر: " قال المشركون: اخرجوا إلى حرائبكم " قال ابن الأثير: هكذا جاء في بعض الروايات بالباء الموحدة جمع حريبة، وهو مال الرجل الذي يقوم به أمره، والمعروف بالثاء المثلثة حرائثكم وسيأتي، وعن ابن شميل في قوله: " اتقوا الدين فإن أوله هم وآخره حرب " قال: تباع داره وعقاره، وهو من الحريبة، وقد روي بالتسكين أي النزاع وفي حديث الحديبية " وإلا تركناهم محروبين " أي مسلوبين منهوبين، والحرب بالتحريك: نهب مال الإنسان، وتركه لا شيء له (2).
والمحروبة من النساء: التي سلبت ولدها، وفي حديث المغيرة " طلاقها حريبة " أي له منها أولاد إذا طلقها حربوا وفجعوا بها، فكأنهم قد سلبوا نهبوا، وفي الحديث: " الحارب المشلح: أي الغاصب الناهب الذي يعري الناس ثيابهم.
وقال ثعلب: لما مات حرب ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي بالمدينة قالوا أي أهل مكة يندبونه: واحربا، ثم نقلوا وفي نسخة ثقلوا (3) فقالوا واحربا بالتحريك، قال ابن سيده: ولا يعجبني. وهذه الكلمة استعملوها في مقام الحزن والتأسف مطلقا، كما قالوا: وا أسفا، قال:
والهف قلبي وهل يجدي تلهفه * غوثا وواحربا لو ينفع الحرب وهو كثير حتى تنوسي فيه هذا المعنى، قيل: كان حرب بن أمية إذا مات لأحد ميت سألهم عن حاله ونفقته وكسوته وجميع ما يفعله، فيصنعه لأهله ويقوم به لهم، فكانوا لا يفقدون من ميتهم إلا صوته فيخف حزنهم لذلك، فلما مات حرب بكى عليه أهل مكة ونواحيها، فقالوا: واحرباه بالسكون، ثم فتحوا الراء، واستمر ذلك في البكاء في المصائب، فقالوه في كل ميت يعز عليهم، قاله شيخنا أو هي من حربه: سلبه فهو محروب وحريب، وبه صدر في لسان العرب ووجهه أئمة اللغة، فلا يلتفت إلى قول شيخنا: استبعدوه وضعفوه.
وحرب الرجل بالكسر كفرح يحرب حربا: قال واحرباه، في الندبة، وكلب، واشتد غضبه، فهو حرب، من قوم حربى مثل كلبى، قال الأزهري: شيوخ حربى، والواحد: حرب، شبيه بالكلبى والكلب، وأنشد قول الأعشى:
وشيوخ حربى بشطي أريك * ونساء كأنهن السعالي قال: ولم أسمع الحربى بمعنى الكلبى إلا هاهنا، قال: ولعل شبهه بالكلبى أنه على مثاله وبنائه.
وحربته تحريبا أغضبته، مثل: حربت عليه غيري، قال أبو ذؤيب:
كأن محربا من أسد ترج * ينازلهم لنابيه قبيب وفي حديث علي أنه كتب إلى ابن عباس رضي الله عنهم: " لما رأيت العدو قد حرب " أي غضب، ومنه حديث عيينة بن حصن " حتى أدخل على نسائه من الحرب والحزن ما أدخل على نسائي " وفي حديث الأعشى الحرمازي:
فخلفتني بنزاع وحرب أي بخصومة وغضب. وفي حديث ابن الزبير عند إحراق أهل الشام الكعبة " يريد أن يحربهم " أي يزيد في غضبهم على ما كان من (4) إحراقها، وفي الأساس: ومن المجاز: