شيخنا بعد قوله مصوتة: وما بعده تطويل قد يستغنى عنه، مما يقضي منه العجب، فإن كلا من الأوصاف قائم بالذات في الغالب. وقيل: الجلبانة من النساء: الجافية الغليظة، قال ابن منظور: وعامة هذه اللغات عن الفارسي، وأنشد لحميد بن ثور، وقد تقدم في جرب أيضا:
جلبنانة ورهاء تخصي حمارها * بفي (1) من بغى خيرا إليها الجلامد قال: وأما يعقوب فإنه روى جلبانة، قال ابن جني: ليست لام جلبانة بدلا من راء جربانة، يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أصلا ومتصرفا واشتقاقا صحيحا، فأما جلبانة فمن الجلبة والصياح لأنها الصخابة، وأما جربانة فمن: جرب الأمور وتصرف فيها، ألا تراهم قالوا: تخصي حمارها؟ فإذا بلغت المرأة من البذلة والحنكة إلى خصاء عيرها فناهيك بها في التجربة والدربة، وهذا (2) وقت الصخب والضجر، لأنه ضد الحياء والخفر (3).
ورجل جلبان، بضم الجيم واللام وتشديد الموحدة وجلبان، بفتحهما مع تشديد الموحدة: ذو جلبة أي صياح. وجلب الدم وأجلب: يبس عن ابن الأعرابي (4).
وجلب الرجل الرجل يجلبه، إذا توعده بشر أو جمع الجمع، كأجلب، في الكل مما ذكر، وفي التنزيل " وأجلب عليهم بخيلك ورجلك " (5)، أي اجمع عليهم وتوعدهم بالشر، وقد قرئ " واجلب " (6).
وجلب على فرسه، كأجلب: صاح به من خلفه واستحثه للسبق، قال شيخنا: وهو مضروب عليه في النسخة التي بخط المصنف، وضربه صواب، لأنه تقدم في كلامه: جلب على الفرس إذا زجره، قلت: وفيه تأمل.
وقد جلب الجرح: برأ يجلب بالكسر ويجلب بالضم في الكل مما ذكر، وأجلب الجرح: مثله، كذا في لسان العرب، وعن الأصمعي: إذا علت القرحة جلدة البرء قيل: جلب، وقروح جوالب وجلب، أي كسكر وأنشد:
عافاك ربي من قروح جلب وفي الأساس: وجلب الجروح (7): قشورها.
وجلب كسمع يجلب: اجتمع ومنه في حديث العقبة " إنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلبة " أي مجتمعين على الحرب، ومنهم من رواه بالتحتية بدل الموحدة، وسيأتي.
والجلبة بالضم هي القشرة التي تعلو الجرح عند البرء ومنه قولهم: طارت جلبة الجرح.
والجلبة: القطعة من الغيم يقال: ما في السماء جلبة أي غيم يطبقها، عن ابن الأعرابي وأنشد:
إذا ما السماء لم تكن غير جلبة (8) * كجلدة بيت العنكبوت تنيرها ومعنى تنيرها، أي كأنها تنسجها بنير. والجلبة في الجبل: الحجارة تراكم بعضها على بعضها.
فلم يبق فيها طريق للدواب تأخذ فيه، قاله الليث، والجلبة أيضا: القطعة المتفرقة ليست بمتصلة من الكلإ، والجلبة: السنة الشديدة، والجلبة: العضاه بكسر العين المهملة المخضرة الغليظة عودها، والصلبة شوكها (9) وقيل: الجلبة: شدة الزمان مثل الكلبة: يقال: أصابتنا جلبة الزمان، وكلبة الزمان، قال أوس بن مغراء التميمي:
لا يسمحون إذا ما جلبة أزمت * وليس جارهم فيها بمختار والجلبة: شدة الجوع وقيل: الجلبة: الشدة والجهد والجوع قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حنيش الهذلي وهو المتنخل، ويروى لأبي ذؤيب والصحيح الأول:
كأنما بين لحييه ولبته * من جلبة الجوع جيار وإرزيز