والثواب: النحل لأنها تثوب قال ساعدة بن جؤية:
من كل معنقة وكل عطافة * منها يصدقها ثواب يرعب وفي الأساس: ومن المجاز سمي خير الرياح ثوابا، كما سمي خير النحل [وهو العسل] (1) ثواب، يقال: أحلى من الثواب، والثواب: الجزاء، قال شيخنا ظاهره كالأزهري أنه مطلق في الخير والشر لا جزاء الطاعة فقط، كما اقتصر عليه الجوهري، واستدلوا بقوله تعالى " هل ثوب الكفار " (2) وقد صرح ابن الأثير في النهاية بأن الثواب يكون في الخير والشر، قال، إلا أنه في الخير أخص وأكثر استعمالا، قلت: وكذا في لسان العرب.
ثم نقل شيخنا عن العيني في شرح البخاري: الحاصل بأصول الشرع والعبادات: ثواب، وبالكمالات: أجر لأن الثواب لغة بدل العين، والأجر بدل المنفعة، إلى هنا وسكت عليه، مع أن الذي قاله من أن الثواب لغة بدل العين غير معروف في الأمهات اللغوية فليعلم ذلك، كالمثوبة قال الله تعالى " لمثوبة من عند الله خير " (3) والمثوبة قال اللحياني: أثابه الله مثوبة حسنة، ومثوبة بفتح الواو شاذ، ومنه قرأ من قرأ " لمثوبة من عند الله خير " وأثابه الله يثيبه إثابة: جازاه، والاسم الثواب، ومنه حديث ابن التيهان " أثيبوا أخاكم " أي جازوه على صنيعه وقد أثوبه الله مثوبة حسنة ومثوبة، فأظهر الواو على الأصل، وقال الكلابيون: لا نعرف المثوبة ولكن المثابة وكذا ثوبه الله مثوبته: أعطاه إياها وثوبه من كذا: عوضه.
ومثاب الحوض وثبته: وسطه الذي يثوب إليه الماء إذا استفرغ.
والثبة: ما اجتمع إليه الماء في الوادي أو في الغائط، حذفت عينه، وإنما سميت ثبة لأن الماء يثوب إليها، والهاء عوض عن الواو الذاهبة من عين الفعل، كما عوضوا من قولهم أقام إقامة (4)، كذا في لسان العرب، ولم يذكر المؤلف ثبة هنا، بل ذكره في ثبي معتل اللام، وقد عابوا عليه في ذلك، وذكره الجوهري هنا، ولكن أجاد السخاوي في سفر السعادة حيث قال: الثبة: الجماعة في تفرق، وهي محذوفة اللام، لأنها من ثبيت (5) أي جمعت، ووزنها على هذا فعة، والثبة، أيضا: وسط الحوض، وهو من ثاب يثوب، لأن الماء يثوب إليها أي يرجع، وهي محذوفة العين ووزنها فلة. انتهى، نقله شيخنا.
قلت: وأصرح من هذا قول ابن المكرم رحمه الله: الثبة: الجماعة من الناس ويجمع على ثبى، وقد اختلف أهل اللغة في أصله (6) فقال بعضهم: هي من ثاب أي عاد ورجع، وكان أصلها ثوبة، فلما ضمت الثاء حذفت الواو، وتصغيرها ثويبة، ومن هذا أخذ ثبة الحوض وهو وسطه الذي يثوب إليه بقية الماء وقوله عز وجل، " فانفروا ثبات أو انفروا جميعا " (7) قال الفراء: معناه فانفروا عصبا إذا دعيتم إلى السرايا أو دعيتم لتنفروا جميعا، وروي أن محمد بن سلام سأل يونس عن قوله عز وجل " فانفروا ثبات أو انفروا جميعا " قال: ثبة وثبات أي فرقة وفرق، وقال زهير:
وقد أغدو على ثبة كرام * نشاوى واجدين لما نشاء قال أبو منصور: الثبات: جماعات في تفرقة، وكل فرقة: ثبة، وهذا من ثاب، وقال آخرون: الثبة من الأسماء الناقصة، وهو في الأصل ثبية، فالساقط لام الفعل في هذا القول وأما في القول الأول فالساقط عين الفعل، انتهى، فإذا عرفت ذلك علمت أن عدم تعرض المؤلف لثبة بمعنى وسط الحوض في ثاب غفلة وقصور.
ومثاب البئر: مقام الساقي من عروشها على فم البئر، قال القطامي يصف البئر وتهورها:
وما لمثابات العروش بقية * إذا استل من تحت العروش الدعائم