لميسمها ولمالها ولحسبها فعليك (1) بذات الدين تربت يداك " قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا قل ماله: قد ترب، أي افتقر حتى لصق بالتراب، قال: ويرون - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر، ولكنها كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها وهم لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر بها، وقيل: معناها: لله درك، وقيل: هو دعاء على الحقيقة، والأول أوجه (2)، ويعضده قوله في حديث خزيمة " أنعم صباحا تربت يداك " وقال بعض الناس: إن قولهم: تربت يداك، يريد به (3) استغنت يداك، قال: وهذا خطأ لا يجوز في الكلام، ولو كان كما قال لقال أتربت يداك، وفي حديث أنس " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: تربت جبينه " قيل أراد به دعاء له بكثرة السجود، فأما قوله لبعض أصحابه " تربت (4) نحرك " فقتل الرجل شهيدا، فإنه محمول على ظاهره.
وقالوا: التراب لك، فرفعوه وإن كان فيه معنى الدعاء لأنه اسم وليس بمصدر وحكى اللحياني: التراب للأبعد، قال: فنصب، كأنه دعاء.
والمتربة: المسكنة والفاقة، ومسكين ذو متربة أي لاصق بالتراب وفي الأساس: ومن المجاز تربت يداك: خبت وخسرت، وقال شيخنا عند قوله وترب افتقر: ظاهره أنه حقيقة، والذي صرح به الزمخشري وغيره أنه مجاز، وكذا قوله لا أصبت خيرا، انتهى.
وأترب الرجل: قل ماله. وأترب فهو مترب إذا استغنى وكثر ماله. وأترب فهو مترب إذا استغنى وكثر ماله فصار كالتراب، هذه الأعرف، ضد، قال اللحياني: قال بعضهم: الترب: المحتاج، وكله من التراب، والمترب: الغني، إما على السلب وإما على أن ماله مثل التراب كترب تتريبا فيهما أي الفقر والغنى، وهذا ذكره ثعلب، وغلط شيخنا فظنه ثلاثيا فاعترض على المؤلف وقال: كان عليه أن يقول كفرح وإن ظاهره ككتب، وهذا عجيب منه جدا، فإنه لم يصرح أحد باستعمال ثلاثيه في المعنيين، فكيف غفل عن التضعيف الذي صرح به ابن منظور والصاغاني مع ذكر مصدره، وغيرهما من الأئمة، فافهم.
وأترب الرجل، إذا ملك عبدا قد ملك ثلاث مرات، عن ثعلب.
وأتربه أي الشيء وتربه: جعل ووضع عليه التراب، فتترب أي تلطخ بالتراب، وتربته تتريبا، وتربت الكتاب تتريبا، وتربت القرطاس فأنا أتربه تتريبا وفي الحديث: " أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة ".
وتترب: لزق به التراب، قال أبو ذؤيب:
فصرعنه تحت التراب فجنبه * متترب ولكل جنب مضجع وتترب فلان تتربا إذا تلوث بالتراب. وتربت فلانة الإهاب لتصلحه وتربت السقاء، وكل ما يصلح فهو متروب، وكل ما يفسد فهو مترب، مشددا، عن ابن بزرج.
وجمل تربوت، وناقة تربوت، محركة: ذلول فإما أن يكون من التراب لذلته، وإما أن تكون التاء بدلا من الدال في دربوت، من الدربة. وهو مذهب سيبويه، وهو مذكور في موضعه، قال ابن بري: الصواب ما قاله أبو علي في تربوت إن أصله دربوت، فأبدلت داله تاء (5)، كما فعلوا في تولج (6)، أصله دولج، للكناس الذي يلج فيه الظبي وغيره من الوحش، وقال اللحياني: بكر تربوت: مذلل فخص به البكر، وكذلك ناقة تربوت، وهي التي إذا أخذت بمشفرها أو بهذب عينها تبعتك، وقال الأصمعي: كل ذلول من الأرض وغيرها تربوت، وكل هذا من التراب، الذكر والأنثى فيه سواء.
والتربة: كفرحة: الأنملة وجمعها: تربات: الأنامل. والتربة أيضا: نبت سهلي (7) مقرض الورق، وقيل: هي