يتضح له الطريق، ولم يهتد لوجه العذر، فاستفهم عنه فقال: وبم أي بأي شيء. أعتذر أرشدوني. من حمل الدر من أرض الجبال وهي المعروفة اليوم بعراق العجم، وهي ما بين أصفهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري وما بين ذلك من البلاد والكور. إلى عمان كغراب كورة على ساحل اليمن، تشتمل على بلدان، أي إن الدر كثير في عمان المعبر به عن الممدوح، وقليل بالنسبة إلى الجبال المعبر به عن المهدي، وهو نظير قولهم: كجالب التمر إلى هجر، قال شيخنا: يعني أن الهدية شأنها أن تكون أمرا غريبا لدي المهدى إليه، ومن يهدي الدر إلى عمان، والتمر إلى يثرب ونحو ذلك، يأتي بالأمر المبتذل الكثير الذي لا عبرة به في ذلك الموضع. وأرى البحر الجملة حالية. يذهب ماء وجهه أي يضمحل، وهو كناية عن التجرد عن الحياء، وقدما قيل: * ولا خير في وجه إذا قل ماؤه * لو حمل هو أي البحر. برسم الخدمة وقصد العبودية. إليه أي الممدوح أشرف ما يفتخر به وهو. الجمان بالضم هو اللؤلؤ الصافي، أي كان ذلك قليلا بالنسبة إليه، لقلة حيائه وذهاب رونق ماء وجهه. وفؤاد البحر يضطرب أي يتحرك ويتموج ويتلاطم. كاسمه رجافا أي باعتبار وصفه، وقد أطلقت العرب هذا اللفظ عليه، فصار علما عليه، وهو حال من فاعل يضطرب. لو أتحفه أي البحر الممدوح. المرجان (1) هو كبار اللؤلؤ أو صغاره، على اختلاف فيه أو أنفذ أي البحر أي أمضى وأوصل. إلى البحرين موضع بين البصرة وعمان، مشهور بوجدان الجواهر فيه، وقد أبدع غاية الإبداع بقوله: أعني يديه الفائقتين. الجواهر الثمان منصوب على المفعولية، أي ولو أتحف الجواهر المثمنة الغالية، وفي الأوليين مع الأخيرة الالتزام، وفي الثانية الاستعارة التصريحية أو التخييلية، بحسب إعمال الصنعة في تشبيه البحر برجل يقوم برسم الخدمة، فيذهب ماء وجهه على أي وجه استعملته، وفي الثالثة التورية في الرجاف، وفي الرابعة الاستخدام ولطافة التورية. لا زالت حضرته أطلقوها على كل كبير يحضر عنده الناس فقالوا: الحضرة العالية تأمر بكذا، كما قالوا: المقام السامي، والجناس العالي. التي هي جزيرة بحر الجود والجزيرة بقعة ينحسر عنها الماء وينجزر ويرجع إلى خلف. من خالدات الجزائر أي من الباقيات إلي يوم القيامة، لما فيها من النفع بصاحبها وفيه التورية العجيبة بالجزائر الخالدات، وهي جزائر السعادات، يذكرها المنجمون في كتبهم، ويأتي ذكرها في مادتها ولا زالت. مقر أناس يقابلون أي يواجهون أو يعارضون. الخرز محركة هو الحجر الذي ينظم كاللؤلؤ. المحمول إليها أي الحضرة. بأنفس الجواهر أي البالغة في النفاسة، وهو دعاء له بالبقاء على جهة الخلود، وأنه يخلف من يقوم مقامه في حضرته، فلا تزال مقرا للموصوفين بما ذكر، وفي الكلام مبالغة وتورية. يرحم الله عبدا قال آمينا ضمن الدعاء كلامه، لكمال الاعتناء باستجابته، والرغبة في حصول ثمرته، لأن كل من سمع هذا الدعاء فإنه يأتي بالتأمين رغبة في الرحمة، فيحصل المطلوب، قال شيخنا: وهو شطر من شعر رواه صاحب الحماسة البصرية لمجنون بني عامر، واسمه قيس بن معاذ المعروف بالملوح وأوله: يا رب لا تسلبني حبها أبدا * ويرحم الله عبدا قال آمينا و له قصة رأيتها في الديوان المنسوب إليه.
قال شيخنا: وهذا آخر الزيادة التي أهملها البدر القرافي والمحب ابن الشحنة، لأنها لم تثبت في أصولهم من قوله: " وهذه اللغة الشريفة " إلى هنا. قال: وكأن المصنف زادها في القاموس بعد أن استقر باليمن وأزمع إهداءه لسلطان اليمن الملك الأشرف، فقد قيل: إنه صنفه بمكة المشرفة، فلما رأى إكرام الأشرف له زاد ذكره في الديباجة، وأثبت اسمه فيه، لمسيس الحاجة، وقصد بذلك ترغيبه في العلم وأهله، أو ما يقرب من ذلك من المقاصد الحسنة إن شاء الله تعالى، ويؤيد هذا الظاهر أن هذا الكلام ساقط في كثير من النسخ القديمة.
قلت: والذي سمعناه من أفواه مشايخنا اليمنيين أن المجد سود القاموس في زبيد بالجامع المنسوب لبني المزجاجي، وهم قبيلة شيخنا سيدي عبد الخالق، متع الله بحياته، وفيه خلوة تواتر عندهم أنه جلس فيها لتسويد الكتاب، وهذا مشهور عندهم، وأن التبييض إنما حصل في