إلا تر، ثم بين الحركة في الوقف بالهاء فقال تره، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف. وحكى اللحياني عن بني سليم:
لقد ظنت ذلك أي ظننت، فحذفوا كما حذفوا ظلت ومست وما أحست ذاك، وهي سلمية. قال سيبويه: أما قولهم ظننت به فمعناه جعلته موضع ظني، وليست الباء هنا بمنزلتها في: كفى بالله حسيبا، إذ لو كان ذلك لم يجز السكت عليه كأنك قلت ظننت في الدار، ومثله شككت فيه، وأما ظننت ذلك فعلى المصدر. وظننته ظنا وأظننته واظطننته: اتهمته. والظنة: التهمة. ابن سيده: وهي الظنة والطنة، قلبوا الظاء طاء ههنا قلبا، وإن لم يكن هنالك إدغام لاعتيادهم اطن ومطن وأطنان، كما حكاه سيبويه من قولهم الدكر، حملا على ادكر. والظنين: المتهم الذي تظن به التهمة، ومصدره الظنة، والجمع الظنن، يقال منه: أظنه واطنه، بالطاء والظاء، إذا اتهمه. ورجل ظنين: متهم من قوم أظناء بيني الظنة والظنانة. وقوله عز وجل: وما هو على الغيب بظنين، أي بمتهم، وفي التهذيب: معناه ما هو على ما ينبئ عن الله من علم الغيب بمتهم، قال: وهذا يروى عن علي، عليه السلام. وقال الفراء: ويقال وما هو على الغيب بظنين أي بضعيف، يقول: هو محتمل له، والعرب تقول للرجل الضعيف أو القليل الحيلة: هو ظنون، قال: وسمعت بعض قضاعة يقول:
ربما دلك على الرأي الظنون، يريد الضعيف من الرجال، فإن يكن معنى ظنين ضعيفا فهو كما قيل ماء شروب وشريب وقروني وقريني وقرونتي وقرينتي، وهي النفس والعزيمة. وقال ابن سيرين: ما كان علي يظن في قتل عثمان وكان الذي يظن في قتله غيره، قال أبو عبيد: قوله يظن يعني يتهم، وأصله من الظن، إنما هو يفتعل منه، وكان في الأصل يظتن، فثقلت الظاء مع التاء فقلبت ظاء معجمة، ثم أدغمت، ويروى بالطاء المهملة، وقد تقدم، وأنشد:
وما كل من يظنني أنا معتب، ولا كل ما يروى علي أقول.
ومثله:
هو الجواد الذي يعطيك نائله عفوا، ويظلم أحيانا فيظلم.
كان في الأصل فيظتلم، فقلبت التاء ظاء وأدغمت في الظاء فشددت.
أبو عبيدة: تظنيت من ظننت، وأصله تظننت، فكثرت النونات فقلبت إحداها ياء كما قالوا قصيت أظفاري، والأصل قصصت أظفاري، قال ابن بري: حكى ابن السكيت عن الفراء: ما كل من يظتنني. وقال المبرد: الظنين المتهم، وأصله المظنون، وهو من ظننت الذي يتعدى إلى مفعول واحد. تقول: ظننت بزيد وظننت زيدا أي اتهمت، وأنشد لعبد الرحمن ابن حسان:
فلا ويمين الله، لا عن جناية هجرت، ولكن الظنين ظنين.
ونسب ابن بري هذا البيت لنهار بن توسعة. وفي الحديث: لا تجوز شهادة ظنين أي متهم في دينه، فعيل بمعنى مفعول من الظنة التهمة. وقوله في الحديث الآخر: ولا ظنين في ولاء، هو الذي ينتمي إلى غير مواليه لا تقبل شهادته للتهمة. وتقول ظننتك زيدا وظننت زيدا إياك، تضع المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر لأنهما منفصلان في الأصل