والقران لا يجوز على غير المختار، تمحل له النحاة وجها يخرج به عن الحد المذكور، لئلا يلزم منه غير المختار.
فنقول: ما بعد الفاء يعمل فيما قبلها إذا كانت زائدة، كما في قوله تعالى: " إذا جاء نصر الله والفتح.. " إلى قوله " فسبح " (1) كما يجئ في الظروف المبنية، أو تكون الفاء واقعة غير موقعها لغرض، كما في " وربك فكبر "، و " فاما اليتيم فلا تقهر " (2)، وأما إذا لم تكن زائدة وكانت واقعة في موقعها، فما بعدها لا يعمل فيما قبلها، كما تقدم.
وفي الآية هي كذلك، لكون الألف واللام في " الزانية " مبتدأ موصولا ففيه الشرط، واسم الفاعل الذي هو صلته، كالشرط، فخبر المبتدا كالجزاء، وهذا الذي ذكرته مذهب الفراء والمبرد، فالفاء واقعة في موقعها فيخرج عن الحد بقوله مشتغل عنه بضميره أو متعلقه، وقال سيبويه: هما جملتان: أي: الزانية والزاني مبتدأ محذوف المضاف، أي حكم الزانية.. والخبر محذوف، أي: فيما يتلى عليكم بعد، وقوله: فاجلدوا.. هو الذي وعد بان حكم الزانية فيه، والفاء عنده أيضا للسببية، أي: إن ثبت زناهما فاجلدوا، فخرج أيضا بقوله: مشتغل عنه بضميره، كما قدمنا.
قوله: " وإلا فالمختار النصب، أي لولا التقدير ان المذكوران للمبرد وسيبويه، لكان من هذا الباب، فكان المختار النصب لقرينة الطلب، التي هو أقوى قرائنه (3).
وتقدير المبرد أقوى لعدم الاضمار فيه، كما في تقدير سيبويه، هذا آخر شرح كلام المصنف.