ضربت ما ضربت إلا إياي، وإياك نعبد: ما نعبد إلا إياك.
وإنما وجب الحذف في الأول والثاني لان القصد، كما قلنا في النداء، أن يفرغ المتكلم سريعا من لفظ التحذير حتى يأخذ المخاطب حذره من ذلك المحذور، وذلك لأنه لا يستعمل هذه الألفاظ إلا إذا شارف المكروه أن يرهق، وهو المعطوف في إياك والأسد، والمكرر.
وإنما وجب حذف العامل في نحو: إياك والأسد، لأنه في معنى المكرر الذي ذكرنا أنه يجب حذف عامله، لان معنى: إياك: بعد نفسك من الأسد، وفحوى هذا الكلام:
احذر الأسد، ومعنى: الأسد الأسد، أي بعد الأسد عن نفسك وهو أيضا بمعنى: احذر الأسد، لان تبعيد الأسد عن نفسك بان تتباعد عنه، فكأنك قلت الأسد الأسد.
فان قلت: المعطوف في حكم المعطوف عليه، وإياك محذر والأسد محذر منه وهما متخالفان فكيف جاز العطف.
فالجواب: أنه لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف عليه إلى عامله، وجهة انتساب " إياك " إلى عامله، كونه مفعولا به، أي مبعدا، وكذا الأسد مبعد، إذ المعنى: إياك بعد وبعد الأسد.
دخول من في التحذير قال ابن الحاجب:
" وتقول إياك من الأسد ومن أن تحذف، وإياك أن تحذف " " بتقدير " من " ولا تقول: إياك الأسد لامتناع تقدير من ".
قال الرضى:
إذا جاء المحذر منه بعد المحذر فاما أن يكون مع " أن " أو لا معهما، فالذي يغير