حتى تؤذي بحرها من يدنو فيزحفون للتاخر عنها واحدة ثم يسرع خمودها فيزحفون أخرى للتقدم إليها ولذلك قال الشاعر [من البسيط] يا موقد النار أوقدها بعرفجة * لمن تبينها من مدلج ساري أمره أن يوقدها بعرفج لأن سنا ناره أشد من سنا غيرها لضعفه وقلة دخانه هذا إذا كان يابسا فإذا كان رطبا فالمثل يضرب به في كثرة الدخان قال الراعي [من الكامل] كدخان مرتجل بأعلى تلعة * غرثان ضرم عرفجا مبلولا وإنما شبه المشبه لحية أبي بكر بسنا نار العرفج اليابس لأنه كان يخضبها بالحناء ويشبعها خضابا فتشتد حمرتها وقال في حديث أبي بكر أنه قال لأسامة حين أنفذ جيشه إلى الشام " أغر عليها غارة سحاء لا تتلاقى عليك جموع الروم " حدثنيه محمد بن عبيد قال حدثناه أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه وحدثنيه أيضا عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحق بإسناده إلا أنه قال مسحاء أو سنحاء قوله سحاء هو فعلاء من السح والسح الصب يقال يداه تسحان أي تصبان المال صبا والسماء تسح أي تصب ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " يمين الله سحاء لا يغيضها شئ الليل والنهار " أي لا ينقصها شئ يقال غاض الماء يغيض غيضا إذا نقص وغضته أنا ومنه يقال للسمان من الشاء وغيرها سحاح وقال خالد بن مالك حين نافره القعقاع بن معبد أنا أنحر للسحاح وأطعن بالرماح وأنزل بالتبراح والتبراح المتسع من الأرض
(٢٤٩)