وهذا قد لا يكون بمقدور أحد من العلماء والمؤرخين المتتبعين، فضلا عن أن يكون بميسور هذا العاجز.
وما ستستوعبه المواضيع الآتية: الفقه؛ التفسير؛ العقائد، من روايات يلقي ضوءا على بعض الجوانب الملموسة والمتصورة من علم الإمام. وإلا فعلوم أهل البيت (عليهم السلام) لا ترقى عقولنا القاصرة إلى إدراك كنهها ومكنونها.
وحقا قال إمامنا الجواد (عليه السلام) يوم عرض على القافة وهو طفل صغير، كما مر عليك في قبسات من نور كلامه: " وأيم الله لولا تظاهر الباطل علينا، وغواية ذرية الكفر، وتوثب أهل الشرك، والشك، والشقاق علينا؛ لقلت قولا يعجب منه الأولون والآخرون ".
ففي رواية الحافظ رجب البرسي في مشارق الأنوار (1) أنه لما جيء بأبي جعفر (عليه السلام) إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد موت أبيه، وهو طفل، وجاء إلى المنبر ورقى منه درجة ثم نطق فقال:
" أنا محمد بن علي الرضا، أنا الجواد، أنا العالم بأنساب الناس في الأصلاب، أنا أعلم بسرائركم وظواهركم، وما أنتم صائرون إليه، علم منحنا به من قبل خلق الخلق أجمعين، وبعد فناء السماوات والأرضين، ولولا تظاهر أهل الباطل، ودولة أهل الضلال، ووثوب أهل الشك، لقلت قولا تعجب منه الأولون والآخرون ".
ثم وضع يده الشريفة على فيه، وقال: " يا محمد اصمت كما صمت آباؤك من قبل " (2).