وآثره على كل حميم، فوقاه كل هول، وواساه بنفسه في كل خوف، فحارب حربه، وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل (1) ومقامات الروع، حتى برز سابقا لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله.
وقد رأيتك تساميه وأنت أنت!! وهو هو المبرز السابق في كل خير، أول الناس إسلاما، وأصدق الناس نية، وأطيب الناس ذرية، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عم. وأنت اللعين ابن اللعين.
ثم لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين الله، وتجهدان على إطفاء نور الله، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتخالفان فيه القبائل؛ على ذلك مات أبوك، وعلى ذلك خلفته.
والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب، ورؤوس النفاق والشقاق لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
والشاهد لعلي - مع فضله المبين، وسبقه القديم - أنصاره الذين ذكروا بفضلهم في القرآن، فأثنى الله عليهم، من المهاجرين والأنصار، فهم معه عصائب وكتائب حوله، يجالدون بأسيافهم، ويهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتباعه، والشقاء في خلافه.
فكيف - يا لك الويل!! - تعدل نفسك بعلي، وهو وارث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ووصيه، وأبو ولده، وأول الناس له اتباعا، وآخرهم به عهدا، يخبره بسره، ويشركه في أمره، وأنت عدوه وابن عدوه؟! فتمتع ما استطعت بباطلك، وليمدد لك ابن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى. وسوف