وفاروقه أول من ابتزه وخالفه؛ على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهم؛ فأبطأ عنهما، وتلكأ عليهما؛ فهما به الهموم، وأرادا به العظيم؛ فبايع وسلم لهما؛ لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضا وانقضى أمرهما.
ثم قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان، يهتدي بهديهما، ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك، حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما له وأظهرتما، وكشفتما عداوتكما وغلكما، حتى بلغتما منه مناكما.
فخذ حذرك يا بن أبي بكر! فسترى وبال أمرك. وقس شبرك بفترك (1) تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه، ولا تلين على قسر قناته، ولا يدرك ذو مدى أناته. أبوك مهد مهاده، وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يك جورا فأبوك أسسه. ونحن شركاؤه، وبهديه أخذنا، وبفعله اقتدينا. ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله، واقتدينا بفعاله. فعب أباك ما بدا لك أو دع، والسلام على من أناب، ورجع عن غوايته وتاب (2).