حصين فهدمه، فحتى متى يبني ما هدم، وحتى متى يجمع ما فرق! فلو أنه كان مضى بمن أطاعه - إذ عصاه من عصاه - فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان ذلك الحزم.
فقال علي: أنا هدمت أم هم هدموا! أنا فرقت أم هم فرقوا! أما قولهم: إنه لو كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك، إذا كان ذلك الحزم؛ فوالله، ما غبي عن رأيي ذلك، وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا، طيب النفس بالموت، ولقد هممت بالإقدام على القوم، فنظرت إلى هذين قد ابتدراني - يعني الحسن والحسين - ونظرت إلى هذين قد استقدماني - يعني عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي - فعلمت أن هذين إن هلكا انقطع نسل محمد (صلى الله عليه وآله) من هذه الأمة، فكرهت ذلك، وأشفقت على هذين أن يهلكا، وقد علمت أن لولا مكاني لم يستقدما - يعني محمد بن علي وعبد الله بن جعفر - وأيم الله، لئن لقيتهم بعد يومي هذا لألقينهم وليسوا معي في عسكر ولا دار (1).
2608 - الإمام علي (عليه السلام) - في جواب الخوارج المعترضين على التحكيم قبل دخول الكوفة -: اللهم هذا مقام من فلج (2) فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة، ومن نطف (3) فيه أو غل فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
نشدتكم بالله! أتعلمون أنهم حين رفعوا المصاحف، فقلتم: نجيبهم إلى كتاب الله، قلت لكم: إني أعلم بالقوم منكم، إنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني