وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلك تطلبه فلا تجده. واغتنم من استقرضك في حال غناك؛ ليجعل قضاءه لك في يوم عسرتك.
واعلم أن أمامك عقبة كؤودا (1)، المخف فيها أحسن حالا من المثقل، والمبطئ عليها أقبح حالا من المسرع، وأن مهبطك بها لا محالة على جنة أو على نار. فارتد لنفسك قبل نزلك ووطي المنزل قبل حلولك، فليس بعد الموت مستعتب، ولا إلى الدنيا منصرف.
واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة، ولم يعيرك بالإنابة، ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى، ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة، ولم يؤيسك من الرحمة. بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة، وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب. فإذا ناديته سمع نداءك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت إليه بحاجتك، وأبثثته ذات نفسك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك، واستعنته على أمورك، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره من زيادة الأعمار وصحة الأبدان وسعة الأرزاق. ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب (2) رحمته. فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية. وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر