فأقبل حتى انتهى إليهم فقال: يا أهل العراق! يا أهل الذل والوهن! أحين علوتم القوم ظهرا، وظنوا أنكم لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها! وقد والله تركوا ما أمر الله عز وجل به فيها، وسنة من أنزلت عليه (صلى الله عليه وآله)؟ فلا تجيبوهم، أمهلوني عدو الفرس؛ فإني قد طمعت في النصر.
قالوا: إذن ندخل معك في خطيئتك، قال: فحدثوني عنكم؛ وقد قتل أماثلكم، وبقي أراذلكم، متى كنتم محقين؟ أحين كنتم تقاتلون وخياركم يقتلون! فأنتم الآن إذ أمسكتم عن القتال مبطلون، أم الآن أنتم محقون؟ فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم، فكانوا خيرا منكم، في النار إذا!
قالوا: دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم في الله عز وجل، وندع قتالهم لله سبحانه، إنا لسنا مطيعيك ولا صاحبك، فاجتنبنا.
فقال: خدعتم والله فانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم.
يا أصحاب الجباه السود! كنا نظن صلواتكم زهادة في الدنيا، وشوقا إلى لقاء الله عز وجل، فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت. ألا قبحا يا أشباه النيب الجلالة (1)! وما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فأبعدوا كما بعد القوم الظالمون!
فسبوه، فسبهم، فضربوا وجه دابته بسياطهم، وأقبل يضرب بسوطه وجوه دوابهم، وصاح بهم علي فكفوا (2).