ظفرت بهم، وأهل الشام لا يخافون عليا إن ظفر بهم.
ولكن ألق إليهم أمرا إن قبلوه اختلفوا، وإن ردوه اختلفوا؛ ادعهم إلى كتاب الله حكما فيما بينك وبينهم؛ فإنك بالغ به حاجتك في القوم؛ فإني لم أزل أؤخر هذا الأمر لوقت حاجتك إليه.
فعرف ذلك معاوية، فقال: صدقت (1).
2570 - وقعة صفين عن صعصعة: قام الأشعث بن قيس الكندي ليلة الهرير في أصحابه من كندة فقال: الحمد لله، أحمده، وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأستنصره، وأستغفره، وأستخيره، وأستهديه... قد رأيتم - يا معشر المسلمين - ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فني فيه من العرب، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ، فما رأيت مثل هذا اليوم قط.
ألا فليبلغ الشاهد الغائب، إنا إن نحن تواقفنا غدا إنه لفناء العرب، وضيعة الحرمات، أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحتف، ولكني رجل مسن أخاف على النساء والذراري غدا إذا فنينا.
اللهم! إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، والرأي يخطئ ويصيب، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
قال صعصعة: فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فقال: أصاب ورب الكعبة! لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلن أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم، وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى.