انتهت الهزيمة إلى علي، فانصرف يتمشى نحو الميسرة، فانكشفت عنه مضر من الميسرة، وثبتت ربيعة.
قال أبو مخنف: حدثني مالك بن أعين الجهني، عن زيد بن وهب الجهني قال: مر علي معه بنوه نحو الميسرة ومعه ربيعة وحدها، وإني لأرى النبل يمر بين عاتقه ومنكبه، وما من بنيه أحد إلا يقيه بنفسه، فيكره علي ذلك، فيتقدم عليه فيحول بين أهل الشام وبينه، فيأخذه بيده إذا فعل ذلك فيلقيه بين يديه أو من ورائه.
فبصر به أحمر - مولى أبي سفيان، أو عثمان، أو بعض بني أمية - فقال علي ورب الكعبة! قتلني الله إن لم أقتلك أو تقتلني، فأقبل نحوه، فخرج إليه كيسان مولى علي، فاختلفا ضربتين، فقتله مولى بني أمية، وينتهزه علي، فيقع بيده في جيب درعه، فيجبذه (1)، ثم حمله على عاتقه، فكأني أنظر إلى رجيلتيه، تختلفان على عنق علي، ثم ضرب به الأرض فكسر منكبه وعضديه، وشد ابنا علي عليه حسين ومحمد، فضرباه بأسيافهما حتى برد، فكأني أنظر إلى علي قائما، وإلى شبليه يضربان الرجل....
ثم إن أهل الشام دنوا منه، ووالله ما يزيده قربهم منه سرعة في مشيه، فقال له الحسن: ما ضرك لو سعيت حتى تنتهي إلى هؤلاء الذين قد صبروا لعدوك من أصحابك؟
فقال: يا بني، إن لأبيك يوما لن يعدوه، ولا يبطئ به عنه (2) السعي، ولا يعجل