أبي سفيان.
أما بعد، فقد أتانا كتابك بتنويق المقال، وضرب الأمثال، وانتحال الأعمال، تصف الحكمة ولست من أهلها، وتذكر التقوى وأنت على ضدها، قد اتبعت هواك فحاد بك عن الحجة (1)، وألحج (2) بك عن سواء السبيل.
فأنت تسحب أذيال لذات الفتن، وتحيط (3) في زهرة الدنيا، كأنك لست توقن بأوبة البعث، ولا برجعة المنقلب، قد عقدت التاج، ولبست الخز، وافترشت الديباج، سنة هرقلية، وملكا فارسيا، ثم لم يقنعك ذلك حتى يبلغني أنك تعقد الأمر من بعدك لغيرك، فيملك (4) دونك فتحاسب دونه. ولعمري لئن فعلت ذلك فما ورثت الضلالة عن كلالة، وإنك لابن من كان يبغي على أهل الدين، ويحسد المسلمين.
وذكرت رحما عطفتك علي، فأقسم بالله الأعز الأجل أن لو نازعك هذا الأمر في حياتك من أنت تمهد له بعد وفاتك لقطعت حبله، وأبنت أسبابه.
وأما تهديدك لي بالمشارب الوبيئة (5) والموارد المهلكة، فأنا عبد الله علي بن أبي طالب، أبرز إلي صفحتك، كلا ورب البيت ما أنت بأبي عذر عند القتال، ولا عند مناطحة الأبطال، وكأني بك لو شهدت الحرب وقد قامت على ساق،