مصافهم كما أزالوكم، تحسونهم بالسيوف، تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطردة الهيم (1).
فالآن فاصبروا، نزلت عليكم السكينة، وثبتكم الله عز وجل باليقين، ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه، وموبق نفسه، إن في الفرار موجدة الله عز وجل عليه، والذل اللازم، والعار الباقي، واعتصار الفيء من يده، وفساد العيش عليه. وإن الفار منه لا يزيد في عمره، ولا يرضي ربه، فموت المرء محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتأنيس (2) لها، والإقرار عليها (3).
2490 - الإمام علي (عليه السلام) - حين مر براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم -: إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك (4)، يخرج منه النسيم (5)، وضرب يفلق الهام، ويطيح العظام، ويسقط منه المعاصم والأكف، حتى تصدع جباههم بعمد الحديد، وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان! أين أهل الصبر وطلاب الأجر؟!
فسارت إليه عصابة من المسلمين، فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافها، وكشفت من بإزائها، فأقبل حتى انتهى إليهم (6).