فلما دنا علي من الميسرة وفيها الأشتر، وقد وقفوا في وجوه أهل الشام يجالدونهم، فناداه علي، وقال: ائت هؤلاء المنهزمين، فقل: أين فراركم من الموت الذي لم تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم!
فدفع الأشتر فرسه، فعارض المنهزمين، فناداهم: أيها الناس! إلي إلي، أنا مالك ابن الحارث، فلم يلتفتوا إليه، فظن أنه بالاستعراف، فقال: أيها الناس! أنا الأشتر، فثابوا (1) إليه، فزحف بهم نحو ميسرة أهل الشام، فقاتل بهم قتالا شديدا حتى انكشف أهل الشام (2).
2489 - تاريخ الطبري عن زيد بن وهب: إن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى مواقعها ومصافها، وكشفت من بإزائها من عدوها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم، أقبل حتى انتهى إليهم، فقال:
إني قد رأيت جولتكم، وانحيازكم عن صفوفكم، يحوزكم الطغاة الجفاة وأعراب أهل الشام، وأنتم لهاميم (3) العرب، والسنام الأعظم، وعمار الليل بتلاوة القرآن، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون.
فلولا إقبالكم بعد إدباركم، وكركم بعد انحيازكم، وجب عليكم ما وجب على المولي يوم الزحف دبره، وكنتم من الهالكين، ولكن هون وجدي وشفى بعض أحاح (4) نفسي أني رأيتكم بأخرة، حزتموهم كما حازوكم، وأزلتموهم عن