موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ٥ - الصفحة ١٩٢
ثم رفع يديه، فقال:
اللهم إن طلحة والزبير قطعاني، وظلماني، وألبا علي، ونكثا بيعتي، فاحلل ما عقدا، وأنكث ما أبرما، ولا تغفر لهما أبدا، وأرهما المساءة فيما عملا وأملا! (1) 2185 - الإرشاد: من كلامه (عليه السلام) - وقد نهض من ذي قار متوجها إلى البصرة - بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أما بعد، فإن الله تعالى فرض الجهاد وعظمه وجعله نصرة له، والله، ما صلحت دنيا قط ولا دين إلا به، وإن الشيطان قد جمع حزبه واستجلب خيله وشبه في ذلك وخدع، وقد بانت الأمور وتمخضت، والله ما أنكروا علي منكرا، ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وإنهم ليطلبون حقا تركوه ودما هم سفكوه، ولئن كنت شركتهم فيه، إن لهم لنصيبهم منه، ولئن كانوا ولوه دوني فما تبعته إلا قبلهم، وإن أعظم حجتهم لعلى أنفسهم، وإني لعلى بصيرتي ما لبست علي، وإنها للفئة الباغية فيها الحمى والحمة (2)، قد طالت هلبتها (3) وأمكنت درتها (4)، يرضعون أما فطمت، ويحيون بيعة تركت؛ ليعود الضلال إلى نصابه.
ما أعتذر مما فعلت، ولا أتبرأ مما صنعت، فخيبة للداعي ومن دعا، لو قيل له: إلى من دعواك؟ وإلى من أجبت؟ ومن إمامك؟ وما سنته؟ إذا لزاح الباطل عن مقامه، ولصمت لسانه فما نطق. وأيم الله، لأفرطن (5) لهم حوضا أنا

(١) شرح نهج البلاغة: ١ / ٣١٠؛ الجمل: ٢٦٧، بحار الأنوار: ٣٢ / ٦٣ وراجع نهج البلاغة: الخطبة ٢٢.
(٢) الحمة: سم كل شيء يلدغ أو يلسع (لسان العرب: ١٤ / ٢٠١).
(٣) الهلب: الشعر. وقيل: هو ما غلظ من شعر الذنب وغيره (النهاية: ٥ / ٢٦٩).
(٤) الدرة: كثرة اللبن وسيلانه (لسان العرب: ٤ / ٢٧٩).
(٥) أفرط الحوض أي ملأه. يفرط فيه أي يكثر في صب الماء فيه (لسان العرب: ٧ / 366).
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست