أدمت لعمري شربك المحض صابحا * وأكلك بالزبد المقشرة البجرا ونحن وهبناك العلاء ولم تكن * عليا وحطنا حولك الجرد والسمرا (1) 2184 - شرح نهج البلاغة عن زيد بن صوحان - من خطبته بذي قار -: قد علم الله سبحانه أني كنت كارها للحكومة بين أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، ولقد سمعته يقول: " ما من وال يلي شيئا من أمر أمتي إلا أتي به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه على رؤوس الخلائق، ثم ينشر كتابه، فإن كان عادلا نجا، وإن كان جائرا هوى ".
حتى اجتمع علي ملؤكم، وبايعني طلحة والزبير، وأنا أعرف الغدر في أوجههما، والنكث في أعينهما، ثم استأذناني في العمرة، فأعلمتهما أن ليس العمرة يريدان، فسارا إلى مكة واستخفا عائشة وخدعاها، وشخص معهما أبناء الطلقاء، فقدموا البصرة، فقتلوا بها المسلمين، وفعلوا المنكر. ويا عجبا لاستقامتهما لأبي بكر وعمر وبغيهما علي! وهما يعلمان أني لست دون أحدهما، ولو شئت أن أقول لقلت، ولقد كان معاوية كتب إليهما من الشام كتابا يخدعهما فيه، فكتماه عني، وخرجا يوهمان الطغام (2) أنهما يطلبان بدم عثمان.
والله، ما أنكرا علي منكرا، ولا جعلا بيني وبينهم نصفا (3)، وإن دم عثمان لمعصوب بهما، ومطلوب منهما.
يا خيبة الداعي! إلام دعا؟ وبماذا أجيب؟ والله، إنهما لعلى ضلالة صماء، وجهالة عمياء، وإن الشيطان قد ذمر لهما حزبه، واستجلب منهما خيله ورجله، ليعيد الجور إلى أوطانه، ويرد الباطل إلى نصابه.