فأخذت بإصبع من أصابعه وقلت: أبايعك على أن أطيعك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك علي.
فقال: نعم. وطول بها صوته، فضربت على يده.
ثم التفت إلى محمد بن حاطب، وكان في ناحية القوم، فقال:
إذا انطلقت إلى قومك فأبلغهم كتبي وقولي.
فتحول إليه محمد حتى جلس بين يديه وقال: إن قومي إذا أتيتهم يقولون: ما يقول صاحبك في عثمان؟ فسب عثمان الذين حوله، فرأيت عليا قد كره ذلك حتى رشح جبينه وقال:
أيها القوم! كفوا ما إياكم يسأل.
قال: فلم أبرح عن العسكر حتى قدم على علي (عليه السلام) أهل الكوفة فجعلوا يقولون: نرى إخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا، وجعلوا يضحكون ويعجبون ويقولون: والله لو التقينا لتعاطينا الحق، كأنهم يرون أنهم لا يقتتلون. وخرجت بكتابي علي (عليه السلام) فأتيت أحد الرجلين فقبل الكتاب وأجابه، ودللت على الآخر، وكان متواريا، فلو أنهم قالوا له: كليب، ما أذن لي، فدخلت عليه ودفعت الكتاب إليه وقلت: هذا كتاب علي وأخبرته الخبر وقلت: إني أخبرت عليا أنك سيد قومك، فأبى أن يقبل الكتاب ولم يجبه إلى ما سأله وقال: لا حاجة لي اليوم في السؤدد، فوالله، إني لبالبصرة ما رجعت إلى علي حتى نزل العسكر، ورأيت القوم الذين مع علي (عليه السلام) فطلع القوم (1).