ونحن نخاف انتشار الأمر به؛ فإن رأيت أن تسيري معنا لعل الله يرتق بك فتق هذه الأمة، ويشعب بك صدعهم، ويلم بك شعثهم (1)، ويصلح بك أمورهم.
فأتاها عبد الله، فبلغها ما أرسلاه به، فأظهرت الامتناع من إجابتهما إلى الخروج عن مكة، وقالت: يا بني، لم آمر بالخروج، لكني رجعت إلى مكة لأعلم الناس ما فعل بعثمان إمامهم، وأنه أعطاهم التوبة، فقتلوه تقيا نقيا بريا، ويرون في ذلك رأيهم، ويشيرون إلى من ابتزهم أمرهم، وغصبهم من غير مشورة من المسلمين ولا مؤامرة، بتكبر وتجبر، ويظن أن الناس يرون له حقا كما كانوا يرونه لغيره.
هيهات هيهات! يظن ابن أبي طالب يكون في هذا الأمر كابن أبي قحافة، لا والله، ومن في الناس مثل ابن أبي قحافة؟ تخضع إليه الرقاب، ويلقى إليه المقاد، وليها والله ابن أبي قحافة فخرج منها كما دخل، ثم وليها أخو بني عدي، فسلك طريقه، ثم مضيا فوليها ابن عفان؛ فركبها رجل له سابقة ومصاهرة برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأفعال مع النبي (صلى الله عليه وآله) مذكورة، لا يعمل أحد من الصحابة مثل ما عمله في ذات الله، وكان محبا لقومه، فمال بعض الميل، فاستتبناه فتاب ثم قتل، فيحق للمسلمين أن يطلبوا بدمه.
فقال لها عبد الله: فإذا كان هذا قولك في علي يا أمه، ورأيك في قاتلي عثمان، فما الذي يقعدك عن المساعدة على جهاد علي بن أبي طالب وقد حضرك من المسلمين من فيه غنى وكفاية فيما تريدين؟