اليمن، فلما استبان لهما أن عليا غير موليهما شيئا، أظهرا الشكاة؛ فتكلم الزبير في ملأ من قريش، فقال: هذا جزاؤنا من علي! قمنا له في أمر عثمان، حتى أثبتنا عليه الذنب، وسببنا له القتل، وهو جالس في بيته وكفي الأمر. فلما نال بنا ما أراد، جعل دوننا غيرنا.
فقال طلحة: ما اللوم إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى، كرهه أحدنا وبايعناه، وأعطيناه ما في أيدينا، ومنعنا ما في يده؛ فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا.
قال: فانتهى قولهما إلى علي، فدعا عبد الله بن عباس وكان استوزره، فقال له: بلغك قول هذين الرجلين؟ قال: نعم، بلغني قولهما. قال: فما ترى؟ قال:
أرى أنهما أحبا الولاية؛ فول البصرة الزبير، وول طلحة الكوفة؛ فإنهما ليسا بأقرب إليك من الوليد وابن عامر من عثمان. فضحك علي، ثم قال: ويحك، إن العراقين بهما الرجال والأموال، ومتى تملكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملا أحدا لضره ونفعه لاستعملت معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية، لكان لي فيهما رأي (1).
2107 - الإمام علي (عليه السلام) - من كلام له (عليه السلام) كلم به طلحة والزبير بعد بيعته بالخلافة، وقد عتبا عليه من ترك مشورتهما والاستعانة في الأمور بهما -: لقد نقمتما يسيرا، وأرجأتما كثيرا. ألا تخبراني، أي شيء كان لكما فيه حق دفعتكما عنه؟
أم أي قسم استأثرت عليكما به؟ أم أي حق رفعه إلي أحد من المسلمين ضعفت عنه، أم جهلته، أم أخطأت بابه؟