فقالت: يا بني أفكر فيما قلت وتعود إلي.
فرجع عبد الله إلى طلحة والزبير بالخبر، فقالا له: قد أجابت أمنا والحمد لله إلى ما نريد، ثم قالا له: باكرها في الغد، فذكرها أمر المسلمين، وأعلمها أنا قاصدان إليها لنجدد بها عهدا، ونحكم معها عقدا، فباكرها عبد الله، وأعاد عليها بعض ما أسلفه من القول إليها، فأجابت إلى الخروج ونادى مناديها: إن أم المؤمنين تريد أن تخرج تطلب بدم عثمان، فمن كان يريد أن يخرج فليتهيأ للخروج معها.
وصار إليها طلحة، فلما بصرت به قالت له: يا أبا محمد قتلت عثمان وبايعت عليا؟ فقال لها: يا أمه، ما مثلي إلا كما قال الأول:
ندمت ندامة الكسعي (1) لما * رأت عيناه ما صنعت يداه وجاءها الزبير فسلم عليها، فقالت له: يا أبا عبد الله! شركت في دم عثمان، ثم بايعت عليا، وأنت والله أحق منه بالأمر؟
فقال لها الزبير: أما ما صنعت مع عثمان فقد ندمت منه وهربت إلى ربي من ذنبي في ذلك، ولن أترك الطلب بدم عثمان. والله ما بايعت عليا إلا مكرها، التف به السفهاء من أهل مصر والعراق، وسلوا سيوفهم وأخافوا الناس حتى بايعوه.
وصار إلى مكة عبد الله بن أبي ربيعة - وكان عامل عثمان على صنعاء - فدخلها وقد انكسر فخذه، وكان سبب ذلك ما رواه الواقدي عن رجاله: أنه لما