غايته من الفرج، وما أقنطه من سهولة المخرج، عدلا من قضائك لا تجور فيه، وإنصافا من حكمك لا تحيف عليه، فقد ظاهرت الحجج، وأبليت الاعذار، وقد تقدمت بالوعيد، وتلطفت في الترغيب، وضربت الأمثال، وأطلت الامهال، وأخرت، وأنت مستطيع بالمعاجلة، وتأنيت وأنت ملئ بالمبادرة، ولم تكن أناتك عجزا، ولا إمهالك وهنا، ولا إمساكك غفلة، ولا انتظارك مداراة، بل لتكون حجتك أبلغ، وكرمك أكمل، وإحسانك أوفى، ونعمتك أتم، كل ذلك، كان، ولم تزل، وهو كائن، ولا تزال، وحجتك أجل من أن توصف بكلها، ومجدك أرفع من أن يحد بكنهه، ونعمتك أكثر من أن تحصى بأسرها، وإحسانك أكثر، من أن تشكر على أقله، وقد قصر بي السكوت، عن تحميدك، وفههني الامساك عن تمجيدك، وقصارى الاقرار بالحسور، لا رغبة يا إلهي، بل عجزا، فها أنا ذا أرومك بالوفادة، وأسألك حسن الرفادة، فصل على محمد وآل محمد، واسمع نجواي واستجب دعائي، ولا تختم يومي بخيبتي، ولا تجبهني بالرد في مسألتي، وأكرم من عندك منصرفي، وإليك منقلبي، إنك غير ضائق بما تريد، ولا عاجز عما تسأل، وأنت على كل شئ قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. " (1).
لقد أخلص الإمام الصادق عليه السلام، في دعائه لله تعالى، كأعظم ما يكون الاخلاص، فقد دعاه بقلب متفتح بنور التوحيد، وناجاه بعقل مشرق بنور الايمان، وقد حفل دعاؤه، بجميع آداب الدعاء، من الخضوع والتذلل، والانقياد إلى الله تعالى.