وأنت، إذا وضعت يدك، على أية فقرة من هذا الدعاء العظيم، وجدت فيه قبل جمال الألفاظ، روعة الايمان، فهو يمثل تمثيلا صادقا، انقطاع الامام إلى الله وتمسكه به، والتجائه إليه في جميع أحواله وشؤونه، بالإضافة إلى تعظيمه الله تعالى، وتبجيله، فلم يبق كلمة فيها تقديس لله إلا حفل بها هذا الدعاء الذي هو من ذخائر أدعية أهل البيت عليهم السلام.
وحكى هذا الدعاء، مدى فزع الإمام عليه السلام، من المنصور الطاغية الجلاد، فقد استجار الامام، من شره بهذا الدعاء، وقد وقاه الله وأنجاه منه، وصرف عنه كيده، فلم يتعرض له بمكروه.
ب: - ولم يكن المنصور طيب النفس، وإنما غليظ النفس حقودا، فقد أترعت نفسه الشريرة، بالبغض والعداء للإمام الصادق عليه السلام، وقد عزم على قتله حينما رجع من الحج، فقد أوعز إلى حاجبه الربيع باحضاره، وهو يرعد ويبرق، ويتهدد ويتوعد ولما مثل الامام عنده، قابله بحفاوة وتكريم، ثم انصرف عنه فبهر الربيع، وقال للامام: بأبي أنت وأمي، يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله إني لم أشك فيه ساعة دخولك عليه، أن يقتلك، ورأيتك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال عليه السلام إني قلت:
" حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي من لم يزل حسبي، حسبي الله الذي لم يزل حسبي، حسبي الله ونعم الوكيل. اللهم، أحرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واحفظني بعزك، واكفني شره بقدرتك، ومن علي بنصرك، وإلا هلكت وأنت ربي، اللهم، إنك أجل وأخير مما أخاف وأحذر، اللهم، إني أدرأ بك في نحره، وأعوذ بك من شره، وأستكفيك إياه، يا كافي موسى فرعون، ومحمدا صلى الله عليه وآله الأحزاب، الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل،