رحمتك، وتقطعت عني عصم الآمال إلا ما معتصم به من عفوك، قل عندي ما أعتد به من طاعتك، وكبر علي ما أبوء به من معصيتك، ولن يضيق عفوك عن عبدك، وإن أساء فاعف عني، فقد أشرف على خفايا الأعمار علمك، وانكشف كل مستور عند خبرك، ولا تنطوي عليك دقاق الأمور، ولا يعرب عنك غيبات السرائر، وقد استحوذ علي عدوك، الذي استنظر فأنظرته، واستمهلك إلى يوم الدين، لاضلالي فأمهلته وأوقعني بصغائر ذنوب موبقة، وكبار أعمال مردية، حتى إذا فارقت معصيتك، واستوحشت بسوء سعيي سخطك تولى عن عذر غدره، وتلقاني بكلمة كفره، وتولى البراءة مني، وأدبر موليا عني، فأصحرني لغضبك فريدا، وأخرجني إلى فناء نعمتك طريدا، لا شفيع يشفع لي إليك، ولا خفير يقيني منك، ولا حصن يحجبني عنك، ولا ملاذ ألجأ إليه منك، فهذا مقام العائذ بك من النار، ومحل المعترف لك، فلا يضيقن عني فضلك، ولا يقصرن دوني عفوك، ولا أكونن أخيب عبادك التائبين، ولا أقنط وفودك الآملين.
اللهم، إغفر لي، إنك أرحم الراحمين، فطالما أغفلت من وظائف فروضك، وتعديت عن مقام حدودك، فهذا مقام من استحيا لنفسه منك وسخط عليها، ورضي عنك، فتلقاك بنفس خاشعة، ورقبة خاضعة، وظهر مثقل من الذنوب، واقفا بين الرغبة إليك، والرهبة منك، فأنت أولى من وثق به ممن رجاه، وأمن من خشيته واتقاه، اللهم، فصل على محمد وآله، وأعطني ما رجوت وآمني مما حذرت، وعد علي بعائدة من رحمتك. اللهم، وإذ سترتني بفضلك، وتغمدتني بعفوك، في دار الحياة، والفناء، بحضرة الأكفاء، فأجرني من فضيحات