المهدي بأمرنا ودله على الدار، فكتب إلى عامله بالكوفة بوضع الأرصاد علينا، فإذا بلغه اجتماعنا كبسنا وأخذنا ووجه بنا إليه.
فاجتمعنا ليلة في تلك الدار، فبلغه خبرنا فهجم علينا، ونذر (1) القوم به وكانوا في علو الدار، فتفرقوا ونجوا جميعا غيري، فأخذني وحملني إلى المهدي، فأدخلت إليه، فلما رآني شتمني بالزنا وقال لي: يا بن الفاعلة! أنت الذي تجتمع مع عيسى بن زيد وتحثه على الخروج علي وتدعو إليه الناس؟!
فقلت له: يا هذا، أما تستحيي من الله، ولا تتقي الله ولا تخافه، تشتم المحصنات وتقذفهن بالفاحشة، وقد كان ينبغي لك ويلزمك في دينك وما وليته، أن لو سمعت سفيها يقول مثل قولك أن تقيم عليه الحد؟! فأعاد شتمي، ثم وثب إلي فجعلني تحته وضربني بيديه وخبطني برجليه وشتمني.
فقلت له: إنك لشجاع شديد أيد حين قويت على شيخ مثلي تضربه لا يقدر على المنع من نفسه ولا انتصار لها.
فأمر بحبسي والتضيق علي، فقيدت بقيد ثقيل، وحبست سنين. فلما بلغه وفاة عيسى بن زيد بعث إلي فدعاني، فقال لي: من أي الناس أنت؟ قلت:
من المسلمين، قال: أعرابي أنت؟ قلت: لا، قال: فمن أي الناس أنت؟ قلت:
كان أبي عبدا لبعض أهل الكوفة وأعتقه فهو أبي، فقال لي: إن عيسى بن زيد قد مات، فقلت: أعظم بها مصيبة، رحمه الله، فلقد كان عابدا ورعا مجتهدا في طاعة الله غير خائف لومة لائم. قال: أفما علمت بوفاته؟ قلت: بلى، قال:
فلم لم تبشرني بوفاته؟ فقلت: لم أحب أن أبشرك بأمر لو عاش رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعرفه لساءه.
فأطرق طويلا ثم قال: ما أرى في جسمك فضلا للعقوبة، وأخاف أن