وغدا المجلس خاصا تماما، يغمره الأنس والقداسة، فقد جلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى مائدة فاطمة (عليها السلام) التي كان يسميها بضعته، مع علي (عليه السلام) الذي كان يراه نفسه، وابنيه الحسن والحسين (عليهما السلام) اللذين كان يسميهما ريحانتيه.
وكان من عادة النبي (صلى الله عليه وآله) ألا يأكل طعاما إلا مع إحدى أزواجه، لكن الأمر اليوم على نحو آخر، والمائدة مائدة أخرى! ولو كانت أم سلمة جلست على المائدة لكان كلام الله تعالى فسر في أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) بشكل آخر غدا. من هنا، لم يدع (صلى الله عليه وآله) زوجته إلى تناول الطعام استثناء.
نزل جبريل الأمين (عليه السلام) بهذه الآية:
* (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فمد النبي (صلى الله عليه وآله) الكساء الخيبري على صهره، وابنته، وولديه، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه، فقال: " هؤلاء أهل البيت، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
وفي رواية أخرى: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
وفي رواية أخرى: " اللهم هؤلاء آل محمد، فأجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد، إنك حميد مجيد ".
إلى هنا كانت أم سلمة قرب الحجرة، وهي تشهد هذا الحدث النوراني المعنوي بشكل من الأشكال، فلم يطاوعها قلبها، فتقدمت ورفعت جانبا من الكساء لعلها تستمتع بهذه الأجواء النورانية، لكن النبي (صلى الله عليه وآله) جر الكساء من يدها، ومنعها من الدخول في أجواء أهل بيته القرآني.
ويبدو أن أم سلمة قد ساءها ذلك فقالت: ألست من أهل البيت؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إنك إلى خير، إنك من أزواج رسول الله ".
3 - جو الحادثة إذا تأملنا في حادثة الكساء والأحاديث الواردة فيها، تبين لنا بجلاء أن