بعد بيان هذه المقدمة يتضح لنا أن المقصود من ضرورة معرفة إمام كل عصر ليس هو قضية شخصية فحسب، وأن الفرد المسلم إن مات وهو لا يعرف إمامه وقائده فهو ليس بمسلم حقيقي، ومن ثم فإن إسلامه وكفره سيان، بل إن القضية الأكثر أهمية التي تشير إليها هذه الأحاديث هي أن عصر العلم الذي بزغت شمسه ببعثة النبي (صلى الله عليه وآله) لا يمكنه الاستمرار إلا بمعرفة المسلمين - في أي عصر كانوا - لإمامهم واقتدائهم به.
وبعبارة أخرى: إن الإمامة هي الضامن والكفيل لاستمرار عصر العلم أو عصر الاسلام الأصيل. ومع فقدان هذا الضمان فإن المجتمع الإسلامي سيؤوب إلى ما كان عليه من جاهلية قبل الاسلام. وفي الحقيقة إن هذا الحديث هو إلهام للنظرة الثاقبة لهذه الآية: * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * (1).
ويبين النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث له يؤكد فيه على ضرورة معرفة الإمام: كيف يمكن أن تقهقر الأمة الإسلامية لتسقط في أوحال الجاهلية السابقة للإسلام؟
ويبين إمكان وقوع هذه الظاهرة الخطيرة بالتخلي عن الإمامة والقيادة.
معرفة أي إمام؟
ولربما أغنانا قليل من التأمل في مضمون الحديث - خصوصا مع ما مر من الشرح السابق - عن الإجابة عن هذا السؤال، وأن إمامة أي إمام تضمن استمرار الاسلام الأصيل، وأن فقدان المجتمع الإسلامي لأية إمامة هو تراجع إلى زمان الجاهلية.
فهل يمكننا أن نظن بأن مقصود النبي (صلى الله عليه وآله) هو وجوب معرفة واتباع أي شخص أخذ بزمام الأمور في المجتمع الإسلامي؟! وأن من لم يعرف إماما كهذا