على ظلم الظلمة، إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك، ودنوت ممن لم يرد على أحد حقا ولم ترد باطلا حين أدناك، وأحببت (وأجبت - خ ل) من حاد الله.
أوليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلما إلى ضلالتهم؟! داعيا إلى غيهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم. فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك؟! وما أيسر ما عمروا لك؟! فكيف ما خربوا عليك؟! فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسؤول.
وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا؟ فما أخوفني أن تكون كما قال الله في كتابه: * (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا) * (1). إنك لست في دار مقام، أنت في دار قد آذنت برحيل، فما بقاء المرء بعد قرنائه؟! طوبى لمن كان في الدنيا على وجل، يا بؤس لمن يموت وتبقى ذنوبه من بعده!
احذر فقد نبئت. وبادر فقد أجلت. إنك تعامل من لا يجهل. وإن الذي يحفظ عليك لا يغفل. تجهز فقد دنا منك سفر بعيد، وداو ذنبك فقد دخله سقم شديد. ولا تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك، لكني أردت أن ينعش الله ما [قد] فات من رأيك ويرد إليك ما عزب من دينك، وذكرت قول الله تعالى في كتابه: * (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) * (2).