معاشر أصحابي، إن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم (1).
751 - عمرو بن سعيد بن هلال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ونحن جماعة فقال: كونوا النمرقة الوسطى يرجع إليكم الغالي، ويلحق بكم التالي، واعملوا يا شيعة آل محمد، والله ما بيننا وبين الله من قرابة ولا لنا على الله حجة، ولا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة، من كان مطيعا نفعته ولايتنا، ومن كان عاصيا لم تنفعه ولايتنا.
قال: ثم التفت إلينا وقال: لا تغتروا ولا تفتروا، قلت: وما النمرقة الوسطى؟
قال: ألا ترون أهلا تأتون أن تجعلوا للنمط الأوسط فضله (2).
752 - جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): قال لي: يا جابر، أيكتفي من ينتحل (3) التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون، يا جابر، إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء. قال جابر: فقلت: يا بن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة، فقال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول: أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟ فلو قال: إني أحب رسول الله فرسول الله (صلى الله عليه وآله) خير من علي (عليه السلام) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله عز وجل [وأكرمهم عليه] أتقاهم وأعملهم بطاعته.