الناس ستيرا؟ وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا؟ ما لك لا تنتبه من نعستك وتستقيل من عثرتك؟! فتقول: والله ما قمت لله مقاما واحدا أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطلا، فهذا شكرك من استحملك (استعملك - خ ل)! ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالى في كتابه:
* (أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) * (1) استحملك كتابه واستودعك علمه فأضعتها، فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به، والسلام (2).
772 - يزيد بن عبد الله عمن حدثه: كتب أبو جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإني أوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب، إن الله عز وجل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله (3)، ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة، وبالتقوى فاز الصابرون ونجت تلك العصب (4) من المهالك، ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة، نبذوا طغيانهم من الإيراد بالشهوات لما بلغهم في الكتاب من المثلات، حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد، وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم، وعلموا أن الله تبارك وتعالى الحليم العليم، إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه، وإنما يمنع من لم يقبل منه عطاه، وإنما يضل من لم يقبل منه هداه. ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات، دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ولم يمنع دعاء عباده، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله، وكتب على نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا وعدلا، فليس يبتدئ العباد بالغضب