والهنبثة كأنها عطف تفسير للأنباء، وهي اسم جنس يجوز جعله تفسيرا للجمع، أو أن المراد من الأنباء هي الأقوال المختلفة أو الأفعال المختلفة، وأصل الهنبثة لا يحصل إلا بجملتها إذ لا يحصل الاختلاف والاختلاط بقول واحد ولا فعل واحد.
و (الشهود) الحضور من شهد يشهد شهودا أي حضر، وقد مرت الإشارة إلى تفصيل المادة، والضمير راجع إلى تلك الأنباء المفسرة بالهنبثة.
و (الخطب) كصرد جمع الخطبة - بالضم - وهي جماعة من الكلام يخاطب بها جملة من الناس أو مطلق الكلام المخاطب به، وتلك الخطب هنا هي الأنباء المختلفة المشار إليها كمكالمة الزهراء (عليها السلام) مع الجماعة بالمكالمات المختلفة في مجالس متعددة ومواجهتهم بها (عليها السلام) بالأجوبة المختلفة.
والمقصود انه لو كنت مشاهدا لتلك الأنباء أي حاضرا في مجلس وجودها وحدوثها لم تكثر هي أي لم تقع ولم تتكثر، بل كان القول حينئذ قولك ما كان لأحد أن يردك، ولم يحصل الإختلاط بالأقوال المختلفة، فوضع الظاهر موضع الضمير للضرورة والإشارة إلى الفظاعة، واستحضارا لتلك الصورة الهائلة، كما في قوله تعالى: ﴿القارعة * ما القارعة﴾ (١) ونحو ذلك.
وقال بعض الأفاضل هنا: انه الخطب - بالفتح - أي الأمر الذي يقع فيه المخاطبة أو الشأن أو الحال كذلك، والجملة الشرطية صفة للأنباء.
قولها (عليها السلام): (إنا فقدناك...) الفقد وجدان الشيء غائبا بعد وجوده، يقال: فقدت الشيء - من باب ضرب - فقدا - بالفتح - وفقدانا - بالكسر والضم - عدمته، ومنه قوله تعالى: ﴿نفقد صواع الملك﴾ (2) وكذلك الافتقاد، وتفقدته أي طلبته عند غيبته، والفاقد بخصوصه المرأة التي تفقد ولدها أو زوجها، وتفاقد القوم أي تفقد بعضهم بعضا.