اللمعة البيضاء - التبريزي الأنصاري - الصفحة ٤٠٣
الأولاد، وأصلها الهمزة لأنها فعولة من ذرأ الله الخلق أي خلقهم، وقيل: أصلها ذرورة فعلولة من الذر بمعنى التفريق، لأن الله تعالى ذرهم في الأرض أي فرقهم، ولثقل التضعيف أبدلوا الراء الأخيرة ياء، ثم اعل البنية فصارت ذرية، ويمكن أن يكون اشتقاقها من الذر بمعنى النمل، أو مفرد ذرات الشمس، أو الذر بمعنى النقطة، أو الجزء الغير المتجزي.
والمشية مصدر قولك: شاء يشاء، وأصلها مشيئة - بالهمزة - وهي المرتبة الثانية من المراتب الستة اللازمة في تكوين كل شئ كما أشير إليه آنفا، وهي:
العلم، والمشية، والإرادة، والقدر، والقضاء، والإمضاء التي سميت بستة أيام في قوله تعالى: ﴿خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام﴾ (1) على وجه من وجوه المعاني في الآية الشريفة.
وأصل المشية هو تأكد العلم والإرادة تأكد المشية، ولا يكون شئ من الأشياء إلا بهذه، وقد تطلق المشية على الإرادة، وفي الخبر: ((خلق الله الأشياء بالمشية والمشية بنفسها)) (2) أي بلا واسطة أخرى غير نفسها، والظاهر أن المراد من المشية فيه هو الإرادة، والأولى فيهما أن يجعلاه من باب إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا.
وفي الخبر في التوحيد وغيره: إن لله تعالى إرادتين ومشيتين، إرادة حتم وإرادة عزم، وكذلك المشية، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء أن يأكلا، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت إرادتهما مشية الله، وأمر إبراهيم أن يذبح إسماعيل ولم يشأ أن يذبحه، ولو شاء لما غلبت مشية إبراهيم مشيته تعالى (3).
وفيه أيضا: أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر، أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء

(١) الفرقان: ٥٩.
(٢) الكافي ١: ١١٠ ح ٤، عنه البحار ٥٧: ٥٦.
(٣) التوحيد: ٦٤ ح ١٨، عنه البحار ٤: ١٣٩ ح ٥، والكافي ١: ١٥١ ح ٤، وتفسير كنز الدقائق ١: ٣٦٤.
(٤٠٣)
مفاتيح البحث: الذبح (1)، السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست