وروى أبو الربيع بهذا اليوم - يعني يوم الاثنين - كم خير لست فيه إلى أهل الأرض وأي مصيبة نزلت فيه عشية ضاق عنها منفسح الطول والعرض:
وهل عدلت يوما رزيئة هالك * رزيئة يوم مات فيه محمد فيا لها والله مصيبة أحرقت الأكباد * وغمرت بالأسف والحزن الأبناء والآباء وزرا ثقيلا إلى كاهل الإيمان منه ما أباد * وخطبا جليلا أودى بكل جميل أو كاد وأنشد بعض الأنصار عند موته - صلى الله عليه وسلم -:
فالصبر يحمد في المصائب كلها * إلا عليك فإنه مذموم ولولا أن الله سبحانه وتعالى ربط على القلوب من بعده بأمر من عنده لأورث مكانها كمدا، ولما وجدت إلى البقاء مستلفا ولا عن وحي الغناء ملتحدا.
وقال أبو الفتح:
فيا له من خطب جل على الخطوب * ومصاب دمع العين كيف يصوب؟
ورزء عزيت له النيران * ولا تعلل شروقها والغروب وجادت هجمة الموت فلا نجا * منها هارب ولا فرار منه لمطلوب ولا صباح له فتجلو غياهبه الملمة ودياجيه المدلهمة، ولكل ليل إذا رجى صباح يؤوب، ومن شر أهل الأرض ثم بكى أنس، بكى بعيون سرفها وقلوب فإنا لله وإنا إليه راجعون.
من نار حنت عليه الأضالع * ولا تخبو ولا تخمد ومصيبة تستك منها المسامع * فلا يبكي على مر الجديد من حزنها المجدد وهل عدلت يوما رزيئة هالك * رزيئة يوم مات فيه محمد وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد وقال أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - فيما ذكره ابن سعد يرثيه - صلى الله عليه وسلم -:
أجدك ما لعينك لا تنام * كأن جفونها فيها كلام بوقع مصيبة عظمت وجلت * فدمع العين أهونه انسجام فجعنا بالنبي، وكان فينا * مقدمنا، وسيدنا الإمام وكان قوامنا، والرأس فينا * فنحن اليوم ليس لنا قوام ننوح ونشتكي ما قد لقينا * ويشكو فقده البلد الحرام كأن أنوفنا لاقين جدعا * لفقد محمد، فيها اصطلام