وأجاب الطحاوي في مشكل الآثار، وأقرها ابن رشد في مختصره بأن حسبها غير ما في حديث أسماء من ردها بعد الغروب، وقال الحافظ: في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحلت لكم الغنائم " من " فتح الباري " بعد أن أورد حديث حبس الشمس صبح ليلة الاسراء ولا يعارضه ما رواه أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة " لم تحبس الشمس إلا ليوشع بن نون " إلى آخره، ووجه الجمع أن لمصر محمول على ما معنى للأنبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم، وقوله: " لم تحبس الشمس إلا ليوشع بن نون فيه نفي، إنما قد تحبس بعد ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم ".
الأمر الثالث: في الاضطراب، وتقدم رد ذلك في التنبيه المتقدم أول الكتاب.
الأمر الرابع: قال الجوزقاني ومن تبعه لو ردت الشمس لكان ردها يوم الخندق للنبي صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى. قلت: رد الشمس لعلي إنما كان بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجئ في خبر قط أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في واقعة الخندق أن ترد فلم ترد بل لم يدع على أن القاضي عياض ذكر في ا لاكمال أن الشمس ردت على النبي صلى الله عليه وسلم في واقعة الخندق فالله أعلم، وقد بينت ضعفه في كتاب " مزيل اللبس ".
الأمر الخامس: أعل ابن تيمية حديث أسماء بأنها كانت مع زوجها بالحبشة وقلت:
هو وهم بلا شك، وبلا أدنى خلاف أن جعفر قدم من الحبشة هو وامرأته أسماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بعد فتحها، وقسم لها ولأصحاب سفينتهما.
الأمر السادس: قال ابن الجوزي: ومن تغفيل واضع هذا الحديث أنه نظر إلى صورة فضيلة ولم يتلمح إلى عدم الفائدة فإن صلاة العصر لغيبوبة الشمس صارت قضاء ورجوع الشمس لا يعيدها أداء. انتهى.
قلت: لثبوت الحديث على أن الصلاة وقعت أداء بذلك صرح القرطبي في التذكرة قال: فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه ذكره في باب " ما يذكر الموت والآخرة " من أوائل التذكرة ووجهه أن الشمس لما عادت كأنها لم تغب والله سبحانه وتعالى أعلم.
التنبيه الثالث: ليحذر من يقف على كلامي هنا أن يظن بي أني أميل إلى التشيع والله يعلم أن الامر ليس كذلك والحامل لي على هذا الكلام أن الذهبي ذكر في ترجمة الحافظ الجسكاني أنه كان يميل إلى التشيع، لأنه أملى جزءا في طرق حديث رد الشمس وهذا الرجل ترجمه تلميذه الحافظ عبد الغفار بن إسماعيل الفارسي في " ذيل تاريخ نيسابور " فلم يسعفه بذلك بل أثنى عليه ثناء حسنا وكذلك غيره من المؤرخين نسأل الله تعالى السلامة من الخوض في أعراض الناس بما نعلم وبما لا نعلم.