ثم التقوا في اليوم التاسع واشتد الحرب بين الفريقين وقتل من أصحاب علي عمار بن ياسر وهاشم بن (عتبة) وعبد الله بن بديل.
و (قتل) من أصحاب معاوية عبد الله بن عمر وذو الكلاع وغيرهما واقتتل الناس تلك الليلة حتى أصبح الصباح وهي ليلة الهرير.
وذكر القاضي أبو بكر (1) أنهم لما التقوا في اليوم التاسع وقد كانوا يتنادون في كل عشية من تلك العشاء؟ بالانصراف فينصرفون إلى معسكرهم فيبيتون ويداوون الجرحى ويصلحون شأنهم فلما نادى المنادي تلك الليلة على الرسم وسمع أهله الرايات والطلائع والمقدمة النداء بالانصراف تنادوا من كل ناحية: لا براح لنا واللقاء من هذه البقعة إلى المحشر!! فاشرأب الناس / 85 / ب / بعضهم إلى بعض وعظم البلاء، واشتد القتال وآيس الناس من الحياة واستسلموا للموت وملوا مما عضهم من السلاح وألم الجراح!! وتزاحف الناس بعضهم إلى بعض كتزاحف السيول!!!
ثم التقى الناس (عند) المغرب والعشاء فلم يصلوا إلا إيماءا ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت فلم يسمع إلا قصفا ثم تضاربوا بالعمد الحديد ومواضي السيوف على الهام والاقدام وكلما جهدهم القتال وجهضهم؟ كفوا هنيهة ثم رجعوا إلى المضاربة!!
وكان علي رضي الله عنه يباشر الحرب بنفسه ويده فإذا وقف على قوم وقفة؟
يعترضهم بها وسيفه معلق بيده اليسرى وهو يقول:
دبوا دبيب النمل لا تفوتوا * وأصبحوا بحربكم وبيتوا حتى تنالوا الفوز أو تموتوا * ليس لكم ما شئتموا وشئت بل ما يريد المحيي المميت (2) ثم (يطفق) يضرب بسيفه حتى ينثني ويقول تحت العجاج إذا حمي الضراب:
من أي يومي من الموت أفر؟ * أيوم لن يقدر أم يوم قدر؟ (3)