وأما دعاؤك إياي إلى الشام فليس لي رغبة عن مقام إبراهيم (1).
فبلغ عليا كتاب معاوية إلى أبي موسى فكتب إليه:
سلام عليك أما بعد فإنك امرء أضلك الهوى واستدرجك الغرور وخفق لك حسن الظن / 82 / ب / لزومك بيت الله غير حاج ولا قاطن فاستقل الله يقلك فإن الله يغفر (ولا يغفل) وأحب عباده إليه التوابون (2).
فكتب جوابه إليه: سلام عليك فإنه والله لولا أني خشيت أن يرفعك مني منع الجواب إلى أعظم مما في نفسك علي لم أجبك (3) لأنه ليس لي عندك عذر فينفعني ولا قوة تمنعني وأما قولك في لزوم بيت الله الحرام غير حاج ولا قاطن فإني أسلمت أهل الشام (4) وانقطعت عن أهل العراق وأصبت أقواما صغروا من ذنبي ما عظمتم وعظموا من حقي ما صغرتم إذ لم يكن لي منكم ولي ولا نصير.
وكان علي بن أبي طالب إذ وجه الحكمين قال لهما: إنا حكمناكما على أن تحكما بكتاب الله فتحيا ما أحيا القرآن وتميتا ما أمات القرآن.
فلما كاد عمرو بن العاصي أبا موسى اضطرب الناس على علي واختلفوا (عليه) وخرجت الخوارج وقالوا: لا حكم إلا لله. وجعل علي يتمثل بهذه الأبيات:
لي زلة إليكم فأعتذر؟ سوف أكيس بعدها وانشمر (5) وقال أبو الحسن (المدائني): قدم أبو الأسود الدؤلي على معاوية عام الجماعة فقال له معاوية: بلغني يا أبا الأسود أن علي بن أبي طالب أراد أن يجعلك أحد الحكمين فما كنت تحكم (لو جعلك أحدهما؟) قال: لو جعلني أحدهما لجمعت ألفا من المهاجرين (