وأنت لنا منهم خير خلف. فلن يخمل (1) من هم سلفه ولن يهلك من أنت خلفه، ونحن أيها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجك (2) من كشف الكرب الذي قد فدحنا [فنحن] (3)، وفد التهنئة لا وفد المرزئة.
قال: وأيهم أنت أيها المتكلم.
قال: أنا عبد المطلب بن هاشم. قال: ابن أختنا؟ قال: نعم. قال ادن (4). فأدناه، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال: مرحبا وأهلا وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا ربحلا (5) يعطى عطاء جزلا. قد سمع الملك مقالتكم وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، فأنتم أهل الليل والنهار، ولكم الكرامة ما أقمتم والحباء إذا ظعنتم.
ثم نهضوا إلى دار الكرامة والوفود، فأقاموا شهرا لا يصلون إليه ولا يأذن لهم بالانصراف، ثم انتبه لهم انتباهة فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه وأخلاه ثم قال:
يا عبد المطلب إني مفض (6) إليك من سر علمي ما لو يكون غيرك لم أبح به. ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك عليه، فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره.
إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اختزناه (7) لأنفسنا واحتجبناه (8) دون غيرنا خبرا عظيما، وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة، للناس عامة ولرهطك كافة ولك خاصة.
فقال عبد المطلب: أيها الملك مثلك سر وبر، فما هو، فداؤك أهل الوبر زمرا بعد زمر؟