وأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى، فإلى من توصي بي؟ وبم تأمرني (1)؟ قال: أي بنى والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل، وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به.
قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل. فقلت: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره. فقال لي: أقم عندي.
فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة قلت له: يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي، وبم تأمرني؟ قال: يا بنى والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه، إلا رجلا بنصيبين، وهو فلان، فالحق به.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين، فأخبرته خبري وما أمرني به صاحباي.
فقال: أقم عندي. فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت له: يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وبم تأمرني؟
قال: يا بنى والله ما أعلمه بقى أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه، إلا رجل بعمورية من أرض الروم، فإنه على مثل ما نحن عليه. فإن أحببت فائته، فإنه على أمرنا.
فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبر، فقال: أقم عندي. فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم. قال: واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة.