ماذا يأمركم به فزعمت أن يأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وهو نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه فيكم وإن كان ما أتاني عنه حقا فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ولو أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقيه ولو كانت عنده لغسلت قدميه. قال أبو سفيان ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بدعاية الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم اليريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون. قال أبو سفيان فلام قضى مقالته وفرغ من الكتاب علت أصوات الذين حوله وكثر لغطهم فلا أدرى ما قالوا وأمر بنا فأخرجنا فلما خرجت أنا وأصحابي وخلصنا قلت لهم قد أمر أمر ابن أبي كبشة هذا ملك بنى الأصفر يخافه قال فوالله ما زلت ذليلا مستيقنا أن أمره سيظهر حتى أدخل الله على الاسلام. ويروى في خبر أبي سفيان أنه قال لقيصر لما سأله عن النبي صلى الله عليه وسلم أيها الملك ألا أخبرك عنه خبرا نعرفه به أنه قد كذب قال وما هو قلت أنه زعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجد كم هذا مسجد إيلياء (1) ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال وبطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال صدق قال وما علمك بهذا قال إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني فاستعنت عليه عمالي ومن يحضرني فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول جبلا فدعوت النجارين فنظروا إليه فقالوا هذا باب
(٣٢٥)