بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بنى عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجل من الأنصار يقال له عباية ابن مالك ويقال عبادة. ثم التقى لناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول من عرقب فرسا في سبيل الله فقاتل. وروى أنه أخذ اللواء بيمينه فقاتل به حتى قطعت يمينه فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره فاحتضن الراية وقاتل حتى قتل رحمه الله وسنه ثلاث وثلاثون أو أربع وثلاثون سنة. ثم أخذها عبد الله بن رواحة وتقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرفه من لحم فقال شد بها صلبك فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل. ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان فقال يا قوم اصطلحوا على رجل منكم فقالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس. وقد حكى ابن سعد وغيره أن الهزيمة كانت على المسلمين وحكى أيضا أن الهزيمة كانت على الروم. وكذا في صحيح البخاري والمختار من ذلك ما ذكره ابن إسحاق من انحياز كل فئة عن الأخرى من غير هزيمة وقد وقع ذلك في شعر لقيس بن المسحر اليعمري كذلك. وأطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك من يومه فأخبر به عليه السلام أصحابه رضي الله عنهم بالمدينة قبل ورود الخبر بأيام. وقال لقد رفعوا لي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من
(١٦٧)