ذكر أدب العبد في قوله إياك نعبد وإياك نستعين.
اعلم أن ينبغي ان يكون العبد صادقا في قوله إياك نعبد ومعنى قولي ان يكون صادقا لأنه إذا قال إياك نعبد وكان انما يعبد الله جل جلاله لما يرجوه منه سبحانه من نفع عاجل أو ثواب آجل أو دفع محذور في الدنيا أو في يوم النشور فإنما يكون على الحقيقة كأنك تعبد نفسك وتكون عبادتك لأجلها ولأجل شهواتك ولذاتك ولا تكون عابد الله جل جلاله لأنه أهل للعبادة فيكون قولك إياك نعبد كذبا وبهتانا ومانعا لك من الظفر بالسلامة والسعادة ويثبت اسمك في ديوان الكذابين ويكون قد جعلت نفسك في من الهالكين اما تسمع كلام المقدس الميمون انما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون.
أقول وكذا ينبغي ان تكون صادقا في قولك وإياك نستعين فلا يكون في قلبك عند ذلك القول مستعان لك سواه جل جلاله على التحقيق واليقين فإنك ان كنت مستعينا عند تلك الحال بحولك وقوتك ودنياك أو مالك أو رجالك أو غيره من أمالك وأحوالك فأنت في قولك إياك نستعين إذا قصدت به انه لا مستعان لك سواه كاذب مخاطر مستخف مباهت مستحق لما يستحقه العبد المستخف بمولاه.
ذكر أدبه في الدعوات في الصلاة عند قوله اهدنا الصراط المستقيم وفى كل موضع يراد منه ان يدعو فيه في الصلاة بقلب سليم.
قد قدمنا طرفا مما يحتاج إليه أهل الضراعات مما شرحناه بالمعقول والمنقول من الروايات فإياك ان تهمل تهذيب نفسك وقلبك خاصة عند مخاطبة مولاك وربك فإنك إذا دعوت الله جل جلاله وقلبك في تلك الحال فارع منه أو مشغول بالغفلة عنه أو بقصور احترام وتهوين