على زيادة عما ذكرناه في الركوع من الذل لمعبوده فإياه ان يكون قلبه خاليا من أذكار نفسه انه حاضر بين يدي الله جل جلاله وانه جل جلاله على ما هو عليه من العظمة والجلالة التي لا يحيط بها مقال كل ذي مقالة وان هذا العبد على صفة من الضعف والفقر والمسكنة والذنوب التي قد أوقعته في الرذالة فيهوى إلى السجود على أبلغ ما ذكرناه في الركوع من الذل والخضوع والخشوع فإنه ان سجد وقلبه خال من الذكر لهذه الحال وانما يسجد على العادة ومراعاة صورة السجود من غير استحضار لمعاملة موليه بالاقبال عليه وبين يديه فهو كالذي يلعب في سجوده أو كالمعرض أو كالمستهزئ بمالكه ومعبوده وقد عرف أهل العلم ان ذلك الركوع وهذا السجود من أركان الصلوات وانهما متى تركهما العبد في صلوته عامدا أو ناسيا بطلت صلوته بمقتضى الفتوى والروايات وصاحب الشريعة صلوات الله عليه وآله ما بعث إلى العباد بمعاملة وعبودية لغير معبود فإذا خلا خاطرك من المقصود بهذه الذلة والعبودية عند الركوع والسجود فما الفرق بينك وبين أهل الجحود وما الفرق بينك وبين الساهي واللاهي وانما جاء محمد صلوات الله عليه وآله يدعو إلى المعبود قبل العادة فإياك ان تكون ممن خلا قلبه من ذل العبودية له وصار يقوم ويركع ويسجد فارغ القلب منه جل جلاله بحسب العرف والعادة.
أقول وان كنت ممن يقول في سجوده اللهم لك سجدت وبك امنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربى سجد لك سمعي وبصري وشعرى وعصبي ومخي وعظامي وسجد وجهي البالي الفاني للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين.