فإنك ان قلت هذا وأعضاؤك غير ساجدة جميعا على معنى الذل والاستسلام والتوكل والخضوع والخشوع للمعبود فكأنك غايب عن معنى السجود ويكون قولك ودعواك كذبا وبهتا لمولاك فكيف تصح صلاتك يا مسكين إذا كان عبادتك بالكذب والبهت والتهوين.
ثم أقول لك ان كنت تجد في سجودك ما يجده المحب من الروح والسرور إذا قرب من أهل الحب والا فسجودك ذميم مدخول وقلبك سقيم معلول لأنك قد عرفت صريح القرآن تضمن واسجد واقترب فجعل السجود من علامات القرب إلى علام الغيوب فطالب نفسك بأنها تجد عند السجود ما يجد المحب بقرب المحبوب فان حبك لله جل جلاله من ثمرة قوة معرفتك بجلاله وعظيم نواله وأفضاله قال الله جل جلاله في قوم يثنى عليهم ممن كانوا يعرفونه يحبهم ويحبونه وقال جل جلاله في وصفه لأهل النجاة والذين آمنوا أشد حبا لله ولا يغرنك قول من يقول إن حبك لله جل جلاله طاعته فان ذلك أن كان قاله من قول قدوة فلعله لتقية أو لضعف السامع عن معرفة الاسرار الربانية لان حبك لله جل جلاله ان كنت عارفا به كان قبل طاعتك له لأنك عرفته منعما فأحببته ثم وجدته يستحق الطاعة فأطعته والا فكيف عقلت معنى الرواية المتفق عليها جبلت القلوب على حب من أحسن إليها أفتكون القلوب على حب (1)